للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحلافها من اليمن وربيعة ويولّى أخاه المفضل، وسرعان ما يرى أن يتخلص من المهالبة جميعا، فيعزل المفضل ويولى قتيبة بن مسلم الباهلى فى سنة ٨٦ فتعلو كفة قيس ويعظم سلطانها. وكان قتيبة قائدا محنكا وفارسا مغوارا، فمضى يفتح فى طخارستان وأرض السّغد وخوارزم وسمرقند، والشعراء من حوله يتغنون بانتصاراته. ولم يلبث قتيبة أن سقط وهو فى أوج مجده، وذلك أن سليمان ابن عبد الملك ولى الخلافة بعد أخيه الوليد، وكان حانقا على الحجاج وعمّاله، وخشى قتيبة على مصيره، فثار عليه، وسرعان ما انفضّت عنه الأزد وأحلافها ثم تبعتهم تميم، لأنه كان قتل منها نفرا من آل الأهتم، وأساء معاملة بطلها وكيع بن أبى سود. وتزعّم وكيع حربه، وانضمت إليه الأزد، وكانت مغيظة منذ عزل المهالبة وانضمّت معها قبائل ربيعة كما انضم الموالى بقيادة حيّان النبطى، وأخيرا خذلته قيس إلا نفرا من عشيرته باهلة، فلقى حتفه سنة ٩٦ للهجرة.

وولّى سليمان مكانه وكيع بن أبى سود، فأخذ الناس بالعنف، فعزله، وولّى يزيد بن المهلب، جامعا له بين خراسان والعراق، وقد مضى يتّبع سياسة قبلية جامحة، إذ رفع من شأن الأزد، وملأ بها الوظائف، وجعل لها القسطى الأكبر فى الغنائم. وتوفّى سليمان وخلفه عمر بن عبد العزيز فعزل يزيد وحبسه لتأخره فى أداء الفئ، وكان قد بالغ لسليمان فى بعض كتبه، فقال إن الفئ فى بعض حروبه كان قناطير من الذهب، وزعم أن خمسه بعد أن أخذ كل محارب حقّه منه بلغ أربعة آلاف ألف وفى رواية ستة آلاف ألف، فلما طلب منه عمر ذلك، ولم يستطع أداءه حبسه حتى يؤدى ما عليه للدولة، ولم يكتف بعزله وحده، فقد عزل كل ولاته الأزديين، وبذلك سقط أو هوى نجم الأزد، وقد ولى عمر على خراسان الجراح بن عبد الله الحكمى. ودخلت فى عصر يزيد بن عبد الملك، وتولاها غير قيسى، ولا يلبث أن يظلّها عهد هشام بن عبد الملك، وفيه تصبح تابعة لخالد القسرى والى العراق، وكانت فيه عصبية شديدة لليمن، فارتفع شأن الأزد. ونراه ينيب عليها أخاه أسدا سنة ١٠٥ وكان يحاكيه فى سياسته، فالتهبت العصبيات القبلية التهابا، وامتشقت الحسام الكتلتان الكبيرتان تميم وقيس من جهة والأزد وأحلافوا

<<  <  ج: ص:  >  >>