للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن إذا عدّت تميم قديمها ... مكان النّواصى من وجوه السوابق

منعتك ميراث الملوك وتاجهم ... وأنت لدرعى بيذق فى البياذق

فهو يجعله بيذقا غير متقدم؟ ؟ ؟ جريرا يستخدم فى إحدى أهاجيه للفرزدق كلمة «الرّوذق» الفارسية؟ ؟ ؟ المنتوف وبره بعد سلقه، ويستخدم معها كلمة «البيذق» الفارسية للدلالة على الشيء التافه، إذ يقول فى جعثن أخت الفرزدق (١):

لا خير فى غضب الفرزدق بعدما ... سلخوا عجانك سلخ جلد الرّوذق

سبعون والوصفاء مهر بناتنا ... إذ مهر جعثن مثل حرّ البيذق

وبنفس هذه الصورة دخلت كلمات نبطية إلى الشعر ولغة التفاهم، وإذا كان ابن مفرّغ صاغ من الفارسية شطورا على نحو ما قدمنا فقد كان وراءه شعراء من الزنج مثل رباح (٢) ومن الهند مثل أبى عطاء السندى.

وربما كان أهم من ذلك ما أصاب العربية من لكنات هؤلاء الموالى، فإن كثيرين منهم كانوا يجدون عسرا فى نطق بعض حروف العربية التى لا توجد فى لغاتهم، ويعرض علينا الجاحظ فى البيان والتبيين صورا مما كان يجرى على ألسنة عامتهم من هذه اللّكنات، حتى لتفسد العبارة العربية إفسادا، فمن ذلك أن الحجاج سأل نخاسا: أتبيع الدواب المعيبة من جند السلطان؟ فأجابه:

«شر يكاننا فى هوازها وشر يكاننا فى مداينها، وكما تجئ تكون». ولم يفهم الحجاج ما يقول فقال له ويلك ما تعنى؟ فقال بعض من قد كان اعتاد سماع الخطأ وكلام العلوج بالعربية حتى صار يفهم مثل ذلك: يقول: «شركاؤنا بالأهواز وبالمدائن يبعثون إلينا بهذه الدوابّ، فنحن نبيعها على وجوهها (٣)» ومن ذلك أن أمّ ولد لجرير قالت لبعض ولدها: «وقع الجردان فى عجان أمكم»


(١) النقائض ص ٨٤٥.
(٢) انظر رسالة تفضيل السودان على البيضان للجاحظ وأمالى ابن الشجرى (طبعة كرنكو) ١/ ١٩٤ وقد اختلف فى اسمه هل هو رباح أو رياح أو سنيح بن رباح. انظر العربية ليوهان فك هامش ص ٣٦.
(٣) البيان والتبيين ١/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>