للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبدلت الذال من الجرذان دالا ونطقت العجين عجانا. وقال بعض الشعراء فى أم ولد له يذكر لكنتها:

أوّل ما أسمع منها فى السّحر ... تذكيرها الأنثى وتأنيث الذكر

والسوءة السوءاء فى ذكر القمر

إذ كانت تنطقه الكمر (١). وكانت آثار من هذه اللكنات تجرى على ألسنة فصحاء الموالى ممن صعدت بهم ملكاتهم إلى أفق الشعر العربى، حتى أصبحوا لا يقلون فيه فصاحة وبلاغة عن شعراء العرب الخلّص، نذكر من بينهم زيادا الأعجم، وكان يرتضخ لكنة فارسية يذهب فيها إلى إبدال العين همزة والطاء تاء والسين شينا (٢)، ويروى أنه أنشد المهلب فى بعض مديحه:

فتى زاده السّلطان فى الودّ رفعة ... إذا غيّر السلطان كل خليل

فقال: «زاده الشلتان (٣)» وتكرر منه ذلك على سمع المهلب فوهبه غلاما ينشد شعره (٤). وكان أبو عطاء السندى وهو ممن عاشوا فى العصرين:

الأموى والعباسى يبدل الحاء هاء والجيم زايا والشين سينا، ودفعه ذلك أن يستوهب ممدوحا له يسمى سليمان بن سليم الكلبى غلاما ينشد شعره. (٥)

ولم تجر هذه اللكنات على ألسنة الموالى وحدهم، فقد تسربت منها بعض الآثار إلى ألسنة من كانوا ينشئون فيهم وخاصة من كانت أمهاتهم منهم، على نحو ما يحدّثنا الرواة عن عبيد الله بن زياد والى العراق، إذ استبقاه أبوه مع أمه «مرجانة» حين تزوجت الفارس «شيرويه» فكان يبدل الحاء هاء والقاف كافا، فإذا قال: أحرورىّ أنت؟ قال: أهرورى أنت؟ وإذا قال قلت لك قال: كلت لك (٦). وقال مرة: افتحوا سيوفكم بدلا من سلّوا سيوفكم، مما جعل ابن مفرغ يهجوه بقوله (٧):


(١) البيان والتبيين ١/ ٧٣.
(٢) البيان والتبيين ١/ ٧١ والأغانى (طبعة الساسى) ١٤/ ٩٩.
(٣) البيان والتبيين ١/ ٧١ والكامل للمبرد (طبعة رايت) ص ٣٦٦.
(٤) أغانى (طبعة دار الكتب) ١٣/ ٨٩
(٥) الشعر والشعراء ٢/ ٧٢؟ ؟ ؟ وراجع الأغانى (طبعة الساسى) ١٦/ ٧٩.
(٦) البيان والتبيين ١/ ٢.
(٧) البيان والتبيين ٢/ ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>