للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه بأخيه عمرو بن الزبير على رأس جيش، وكان بينهما مغاضبة، ولم يفلح هذا الجيش فى مهمته، وقبض عبد الله على أخيه وقتله تحت السياط.

وفى هذه الأثناء رأى عامل المدينة أن يبعث إلى يزيد بطائفة من أشرافها، ولما مثلوا بين يديه أكرمهم وأعظم جوائزهم، غير أنهم رجعوا يثيرون عليه الناس ويقولون:

«إنا قدمنا من عند رجل ليس له دين ويشرب الخمر ويعزف بالطنابير وتضرب عنده القيان ويلعب بالكلاب ويسامر الخرّاب والفتيان (١)». وثار أهل المدينة وبايعوا عبد الله بن حنظلة، فأرسل إليهم يزيد جيشا بقيادة مسلم بن عقبة المرّى ونشبت بين الفريقين معركة الحرّة المشهورة التى استبيحت فيها مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، وقد بكاها من الشعراء كثيرون (٢). وولّى بعد ذلك جيش مسلم وجهه نحو مكة، وسمع بذلك بعض الخوارج فنفروا لمساعدة ابن الزبير، وحدث أن توفّى مسلم فى طريقه، فخلفه الحصين بن نمير السّكونى، ومضى حتى حاصر مكة وابن الزبير، غير أن الأنباء جاءته بوفاة يزيد سنة ٦٤ للهجرة، ففكّ الحصار وعاد إلى الشام.

وهيّأ ذلك لأن تتسع دعوة ابن الزبير، فإن الأمصار اضطربت على ولاة بنى أمية حتى الشام، إذ بايع بعض ولاتها ابن الزبير ودعمته هناك قبائل قيس.

ولم تلبث مصر أن دخلت فى طاعته كما دخلت الكوفة والبصرة وخراسان، غير أن المختار الثقفى دعا لابن الحنفية (أحد أبناء على من سيدة من بنى حنيفة) فى الكوفة وأخرج منها عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير، الذى انتقم منه بحبس ابن الحنفية فى سجن عارم بمكة، وولّى على البصرة بدلا من عبد الله بن الحارث الملقب بالقباع أخاه مصعبا، فنازل المختار الثقفى وقضى عليه، وبذلك عادت الكوفة إلى الدخول فى طاعة ابن الزبير. وتلقانا فى هذه الأحداث أشعار كثيرة مبثوثة فى الطبرى.

ومنذ أول الأمر تدور الدوائر على قيس فى موقعة مرج راهط بالشام، ويخلص هذا الإقليم لمروان بن الحكم، وتتبعه مصر، وسرعان ما يخلفه ابنه


(١) طبرى ٤/ ٣٦٨.
(٢) طبرى ٤/ ٣٧٠ وراجع كلمة حرة فى معجم البلدان لياقوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>