للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أألفا مؤمن منكم زعمتم ... ويقتلهم بآسك أربعونا

كذبتم ليس ذاك كما زعمتم ... ولكنّ الخوارج مؤمنونا

هم الفئة القليلة قد علمتم ... على الفئة الكثيرة ينصرونا

وأرسل إليه ابن زياد جيشا آخر بقيادة زرعة بن أسلم العامرى، فلم يكن حظه خيرا من حظ سابقه، حتى إذا كانت سنة ٦١ بعث إليه عباد بن علقمة فهزمه وقضى عليه. وقد تطايرت مع معاركه أشعار كثيرة.

وعاد الجيش المنتصر إلى البصرة، فتصدى عبيدة بن هلال الخارجى ونفر معه لقائده فقتلوه غيلة، وأخذ كثير من الخوارج يدعو للاقتداء بأبى بلال فى خروجه شعرا (١) وغير شعر. وسمع فريق منهم بأن جيشا سيسيّر لابن الزبير فى مكة، فخرجوا إليه ليعينوه ضدّ من سيهاجمونه هو والبلد الحرام.

وتوفّى يزيد فرجع أهل الشام إلى ديارهم، وانفضّ الخوارج من حول ابن الزبير، إذ رأوه لا يرى رأيهم، وفى مقدمتهم نجدة بن عامر الحنفى ونافع بن الأزرق وعبد الله بن الصفّار وعبد الله بن إباض. وذهبوا إلى البصرة، وأخذوا يدعون لمحاربة السلطان، وساعدهم فى شغبهم فرار عبيد الله بن زياد عقب وفاة يزيد إلى الشام وانتقاض تميم وحلفائها على الأزد ومن آزرها. وانتهز نافع بن الأزرق الفرصة فخرج بجمع كبير من الخوارج إلى الأهواز، وطرد منها عمّال ابن زياد، وتخلّف عنه نجدة بن عامر وابن الصفار وابن إباض، إذ رأوه يغلو فى آرائه، وذلك أنه كان يرى دار المسلمين دار كفر يجب الخروج عنها كما يجب تحريم ذبائحهم وميراثهم والتزوج منهم، وأيضا يجب قتلهم وقتل نسائهم وأطفالهم، وسلك ابن الأزرق معهم القعدة من الخوارج. وخالفه فى كل ذلك الثلاثة الذين سميناهم فقد ذهبوا إلى أن المسلمين ليسوا كفار دين لتمسكهم بالتوحيد والقرآن السنة، إنما هم كفار نعمة، ومن ثمّ بحل التزوج منهم كما يحل التوارث بينهم وبين الخوارج، وحقّا يجب جهادهم ولكن لا يصحّ قتل أطفالهم، وأجمعوا


(١) الكامل ص ٥٩٠، ٥٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>