للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن القعدة منهم ليسوا كفارا (١). ومضى نجدة بأصحابه الذين يسمون بالنّجدات نسبة إليه فنزل اليمامة، وأعلن هناك الجهاد، أما عبد الله بن الصفّار الذى تنسب إليه الصّفرية، لصفرة وجوههم من أثر العبادة (٢) فإنه لم يعلن الخروج، ومن أجل ذلك شاع القعود عن الجهاد بين أنصاره (٣).

وقد انضمّ إلى نافع بن الأزرق كثير من جموع الخوارج الذين دانوا برأيه، وهم يسمون الأزارقة نسبة إليه، وكان من بنى حنيفة، إلا أن أكثر أنصاره كانوا من بنى تميم، ولم يلبث أن جهّز جيشا كبيرا اتجه به إلى البصرة فخرج إليه مسلم بن عبيس فى جيش ضخم، وما زال يدافعه حتى كانت وقعة دولاب على نهر دجيل فى الأهواز وفيها قتل نافع ومسلم معا، وتوالت وقائع أخرى قتل فيها عبد الله بن الماحوز خليفة نافع. وتصدّى لهم المهلب فى سولاف ثم فى سلّى وسلّبرى، وانسحب الخوارج إلى الجبال بقيادة الزبير بن الماحوز، وهزمهم عمر بن عبيد الله بن معمر عند سابور، فانسحبوا إلى أصفهان وكرمان وتعقبهم هناك عتّاب بن ورقاء وقتل أميرهم الزّبير فولّوا عليهم قطرىّ بن الفجاءة وتقدّم بهم إلى العراق، فوجّه إليهم مصعب المهلب، فصدهم وما زال يناوشهم حتى قتل مصعب، وتحوّل الأمر إلى بنى أمية، فأرسلوا إليهم قوادا حالفتهم الهزائهم، حينئذ وجّه إليهم بشر بن مروان المهلب عدوّهم اللدود، وما زال يخضد من شوكتهم فى رامهرمز وسابور وكرمان، وتعقبهم إلى جيرفت، ولم يلبث أن دبّ الخلاف بينهم، وتحاربوا، إذ خرج على قطرىّ جماعة كبيرة من صفوفه بزعامة ابن عبد ربّ، وكان أكثرهم من الموالى. ورأى قطرى أن ينسحب بجموعه إلى طبرستان، وبذلك قضى المهلب سنة ٧٨ على عبد رب وأصحابه قضاء مبرما، وتعقبت جيوش أخرى قطريّا وصاحبه عبيدة بن هلال، وكللت جهودها بالنجاح،


(١) الكامل ص ٦١٠ - ٦١٥ وانظر الفرق بين الفرق للبغدادى ٦٢ وما بعدها والشهرستانى (طبعة لندن) ص ٩٠، ٩٣، ١٠٠ - ١٠٢ وما بعدها حيث تجد تفصيلا لآراء هذه الفرق.
(٢) الكامل ص ٦١٥.
(٣) نفس المصدر ص ٦١٥ والشهرستانى ص ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>