للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك انتهت حروب الأزارقة التى استمرت نحو أربعة عشر عاما، وقد تطاير فيها شعر كثير (١).

وقد قلنا إن نجدة خرج بمن معه إلى اليمامة، فأخضعها، كما أخضع البحرين وعمان، وساعده اضطراب شئون الدولة فى عهد ابن الزبير على أن يتسع نفوذه فى اليمن وجزيرة العرب. غير أن خلافا نشب بينه وبين بعض أنصاره، فولّوا عليهم أبا فديك سنة ٧٢ وقد هاجم البصرة مرارا، غير أنه هزم فى سنة ٧٣ هزيمة ساحقة قضت على دولة النجدات قضاء مبرما.

وشاع مذهب الصّفرية فى الموصل، وشاع معه القعود عن الخروج إلى أن ظهر فيهم صالح بن مسرّح، وكان من وعّاظهم، فما زال يدبر للأمر حتى اجتمع حوله كثيرون، فخرج بهم فى سنة ٧٦ وأنزل بجيوش الحجاج هزائم متوالية، غير أنه لم يلبث أن قتل فى إحدى الوقائع، فنهض خليفته شبيب بن يزيد ومعه زوجته غزالة وأمه جهيزة بمقارعة الحجاج مقارعة عنيفة حتى لقد قتل خمسة قواد أرسلهم إليه واحدا بعد واحد. ودخل فى بعض غاراته مع زوجته غزالة على الحجاج فى الكوفة، فهرع إلى قصره، وتحصّن به منه، وبذلك جلّله بالعار. وفى إحدى حروبه نفر به فرسه فغرق فى نهر دجيل سنة ٧٧ غير أن ذكراه بقيت خالدة فى ذاكرة الخوارج. وظل صفرية الموصل بعده لا يهدءون فقد تجدد خروجهم فى عهد يزيد بن عبد الملك بقيادة شوذب، وقضت عليه جيوش الشام، وخرج بعده فى عهد هشام بهلول بن بشر، وقضت عليه جيوش خالد القسرى، وكان آخر ثوّارهم الضحاك بن قيس الذى استولى على العراق فى سنة ١٢٧ وبايعه عبد الله بن عمر بن عبد العزيز واليها وسليمان بن هشام وصلّيا خلفه فقال شبيل بن عزرة الضّبعى (٢):

ألم تر أن الله أظهر دينه ... وصلّت قريش خلف بكر بن وائل

وأرسل إليه مروان بن محمد ابنه عبد الله ثم نازله بنفسه فقضى على ثورته.


(١) انظر الكامل للمبرد ص ٦١٧ - ٧٠٣.
(٢) البيان والتبيين ١/ ٣٤٣ وانظر فى الأحداث الطبرى فى مواضع متفرقة من الجزء الخامس وكذلك الكامل للمبرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>