للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظل أنصار عبد الله بن إباض المسمون بالإباضية نسبة إليه لا يتحركون، حتى ظهر من أتباعه فى سنة ١٢٩ عبيد الله بن يحيى الملقب بطالب الحق فى حضرموت فاستولى عليها وعلى اليمن، وجهّز جيشا بقيادة أبى حمزة للاستيلاء على مكة والمدينة، واستولى عليهما غير أن جيشا أمويّا لقيه فى وادى القرى وهزمه هزيمة ماحقة فرّ على إثرها إلى مكة، وهناك لحقه الجيش وقتله، وتقدم هذا الجيش فقضى على عبيد الله بن يحيى وعاد الأمر إلى نصابه.

وكان الشيعة طوال العصر يعارضون بنى أمية جهرا وسرّا، وكان مركزهم الكوفة كما قدمنا، ويضطرّ زياد بن أبيه إلى العنف بهم كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع حتى إذا وجد أهلها الفرصة بعد وفاة معاوية كاتبوا الحسين ليذهب إليهم لأخذ البيعة، ويقبل الحسين فلا يخفّوا إلى نجدته، ويقتل فى كربلاء، ويتحوّل قتله فى نفوس الشيعة نارا حامية لا تزال تسيل عويلا وحرقا لاذعة (١). ثم تكون حركة التوّابين بزعامة سليمان بن صرد، ويقضى عليها، ويبكيهم أعشى همدان فى قصيدة طويلة كانت من المكتّمات فى أيام بنى أمية (٢).

ويتولى المختار بعد سليمان بن صرد قيادة الشيعة فى الكوفة، فيخرج عنها والى ابن الزبير، ويدعو دعوة صريحة لابن الحنفية، وهو-كما أسلفنا-ابن لعلى بن أبى طالب من امرأة من بنى حنيفة. وسرعان ما أخذت تتكون حول دعوته نظرية شيعية تسمى الكيسانية نسبة لمولى يسمى كيسان، وقيل بل كيسان هو المختار نفسه.

وتشترك هذه النظرية فى الأسس التى قام عليها التشيع، وهى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة من بعده لعلى، فهى ليست مفوّضة للأمة، بل هى تنتقل بالوصية فى على وأبنائه المعصومين من الأئمة انتقالا طريقه النص. وزادت الكيسانية أفكارا غالية استمدتها من السبئية المنسوبين إلى عبد الله بن سبأ، وكان


(١) انظر الطبرى فى حوادث سنة ٦١ ومقاتل الطالبيين لأبى الفرج الأصبهانى (طبع الحلبى) ص ١٠٦ وما بعدها ومعجم الشعراء للمرزبانى ص ١٢٦.
(٢) طبرى ٤/ ٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>