للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعانى إلى جرجان والرّىّ دونه ... لآتيه، إنى إذن لزءور (١)

سآبى وتأبى لى تميم وربما ... أبيت فلم يقدر علىّ أمير

حتى إذا ولى يزيد العراق لعصر سليمان بن عبد الملك مضى يمدحه مسرفا فى مديحه على شاكلة قوله:

إنى رأيت يزيد عند شبابه ... لبس التّقى ومهابة الجبّار

وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم ... خضع الرّقاب نواكس الأبصار

ودار الزمن فثار ابن المهلب على يزيد بن عبد الملك، وقضى على ثورته مسلمة تعينه تميم وفارسها المغوار هلال بن أحوز المازنى الذى تعقب آل المهلب فى قندابيل وقضى عليهم قضاء مبرما، حينئذ نجد الفرزدق يفتخر بهلال وصنيع تميم، هاجيا يزيد بن المهلب وأسرته هجاء مرا (٢).

وقد قلنا آنفا إنه ظل طويلا لا يفد على قصر بنى أمية فى دمشق، وأول من وفد عليه من خلفائهم سليمان بن عبد الملك، وله يقول:

تركت بنى حرب وكانوا أئمة ... ومروان لا آتيه والمتخيّرا

أباك وقد كان الوليد أرادنى ... ليفعل خيرا أو ليؤمن أوجرا (٣)

فما كنت عن نفسى لأرحل طائعا ... إلى الشام حتى كنت أنت المؤمّرا

ومنذ هذا التاريخ يصبح من شعراء بنى أمية الذين يدعون لهم ويدافعون عن خلافتهم، مضفين عليهم هالة قدسية من التقوى والبرّ، تحفّها المبالغة المسرفة من مثل قوله فى سليمان:

أنت الذى نعت الكتاب لنا ... فى ناطق التوراة والزّبر

كم كان من قسّ يخبّرنا ... بخلافة المهدىّ أو حبر

جعل الإله لنا خلافته ... برء القروح وعصمة الجبر


(١) زءور: كثير الزيارة.
(٢) الديوان ص ٥٧٥.
(٣) الأوجر: الخائف.

<<  <  ج: ص:  >  >>