للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله فى يزيد بن عبد الملك، ولهوه ومجونه معروف:

ولو كان بعد المصطفى من عباده ... نبىّ لهم منهم لأمر العزائم

لكنت الذى يختاره الله بعده ... لحمل الأمانات الثّقال العظائم

ورثتم خليل الله كل خزانة ... وكلّ كتاب بالنبوة قائم

ولعل فى هذه الأبيات ما ينقض قول من زعموا أنه كان شيعيّا مائلا إلى بنى هاشم وإنهم ليسترسلون فى ذلك فينسبون إليه قصيدة فى على بن الحسين وهى القصيدة ذات البيت المشهور:

هذا الذى تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم

وقد أنكر أبو الفرج الأصبهانى نسبة القصيدة إليه (١)، والذى لا شك فيه أنها تخالف نسجه كما تخالف نفسيته إذ كان لا يتعصب لشئ سوى قبيلته وآبائه، وقد مدح بنى أمية بأخرة، أما ولاة العراق فكان إذا خاف بطشهم مدحهم، فإذا اطمأن وسكن روعه هجاهم، وخاصة إذا أظهروا عصبية ضد تميم، وممن أسرع إلى هجائه منهم عمر بن هبيرة الفزارى والى يزيد بن عبد الملك، وفيه يقول:

أمير المؤمنين وأنت عفّ ... كريم لست بالطّبع الحريص (٢)

أوليت العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص (٣)

وولى بعده خالد القسرى لهشام بن عبد الملك، وكان شديد العصبية لليمنية، وكانت أمه مسيخية، فبنى لها كنيسة بالكوفة، وسخّر الناس فى شق نهر المبارك، وانتهز الفرصة الفرزدق، فأخذ يهجوه بالعملين جميعا، يقول:

بنى بيعة فيها الصليب لأمّه ... وهدّم من كفر منار المساجد

ويقول

أهلكت مال الله فى غير حقّه ... على نهرك المشئوم غير المبارك


(١) أغانى (ساسى) ١٤/ ٧٥.
(٢) الطبع: اللئيم الدنئ.
(٣) أحذ: سريع، يصفه بالسرقة وأنه غير أمين على أموال الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>