للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينعى بنو عبد وإخوتهم ... حلّ الهلاك على أقاربيه (١)

ونعى أسامة لى وإخوته ... فظللت مستكّا مسامعيه (٢)

تبكى لهم أسماء معولة ... وتقول ليلى: وارزبّتيه

والله أبرح فى مقدّمة ... أهدى الجيوش، علىّ شكّتيه (٣)

حتى أفجّعهم بإخوتهم ... وأسوق نسوتهم بنسوتيه

ولم يلبث يزيد أن توفى، وتحولت الجزيرة إلى ميادين حروب بين قيس وتغلب على نحو ما مرّ بنا فى غير هذا الموضع، واصطدمت عشيرته بعمير بن الحباب بطل قيس فى بعض حروبه، مما جعله يؤثر التحول عن الجزيرة إلى فلسطين، ولم يلبث أن تركها إلى العراق، حيث مصعب بن الزبير. وكان طبيعيّا أن يجذبه إليه، فقد رأيناه حنقا على بنى أمية منذ موقعة الحرّة، يريد أن يقود الجيوش ضدهم، فيثأر لابنى أخيه، ويسبى نساءهم. وجعله ذلك يستشعر عقيدة الزبيريين، فالخلافة ينبغى أن تكون فى قريش روحا وواقعا عمليّا، بحيث تكون حاضرتها فى الحجاز، وبحيث تعتمد على القرشيين لا على كلب وأخواتها من قبائل الشام اليمنية التى أوقعت بأهل المدينة وقعة الحرة المشئومة.

وهو يصدر فى ذلك عن قرشيته من جهة وعن الكلوم التى أصابت فؤاده من أهل الشام من جهة أخرى، ومن ثمّ كان اعتناقه للعقيدة الزبيرية اعتناقا مخلصا، وهو اعتناق يشوبه الحقد على بنى أمية والرغبة الشديدة فى أن ينقضّ حكمهم فى الشام انقضاضا، ولعل خير ما يصور ذلك قصيدته الهمزية التى يفتتحها بقوله:

أقفرت بعد عبد شمس كداء ... فكدىّ فالرّكن فالبطحاء (٤)

ومضى يطيل فى ذكر الأماكن التى هجرها الأمويون إلى دمشق وربوع


(١) بنو عبد: عشيرته نسبها إلى جده السابع.
(٢) استكت المسامع: صمّت وضاقت، هو مثل يضرب للنبأ الشديد يعرك سامعه.
(٣) مقدمة: يريد مقدمة الجيش. الشكة: السلاح التام.
(٤) كداء وكدى: جبلان بمكة. والركن. ركن البيت الحرام. والبطحاء: حيث كان ينزل أشراف مكة حول البيت فى الجاهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>