للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشام منوّها برجالهم وحسانهم من النساء، وكأنه يأسى لهذا المصير الذى انتهت إليه قريش، فقد تفرقت بلدانا وشيعا، حتى طمع فيها الطامعون، ويصرّح بذلك فيقول:

حبّذا العيش حين قومى جميع ... لم تفرّق أمورها الأهواء

قبل أن تطمع القبائل فى مل‍ ... ك قريش وتشمت الأعداء

ويمضى فيرد على الخوارج وأشباههم ممن كانوا يرون أن تنزع الخلافة من قريش وتردّ إلى العرب، بل إلى المسلمين جميعا، يقول:

أيها المشتهى فناء قريش ... بيد الله عمرها والفناء (١)

إن تودّع من البلاد قريش ... لا يكن بعدهم لحىّ بقاء

فقريش هى عمود الخلافة، ولو أنها زالت عنها لسقط ركنها سقوطا لا يرتفع بعده. ولا يلبث أن يتوجّه بخطابه إلى عبد الملك هاجيا:

قد عمرنا فمت بدائك غيظا ... لا تميتنّ غيرك الأدواء (٢)

ويأخذ فى الفخر بقريش وفضلها على الإسلام والخلافة، فيذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وحمزة عم الرسول وجعفرا الطيار والزبير بن العوّام حوارىّ النبىّ وأبا عبد الله ومصعبا. ويشير إلى انتصار مصعب على المختار الثقفى، ويعرض لما كان يزعم من أنه يوحى إليه، ويمدح مصعبا، فيقول:

إنما مصعب شهاب من الل‍ ... هـ تجلّت عن وجهه الظّلماء

ملكه ملك قوّة ليس فيه ... جبروت ولا به كبرياء

ويعود إلى الافتخار بقريش ورجالاتها فى الجاهلية والإسلام، ويفتخر ببيتها الحرام الذى يحجّ إليه الناس من كل فجّ عميق، ويأسى لحرق جيوش الشام هذا البيت حين حصارها لابن الزبير بعد موقعة الحرّة، ويشيد ببناء ابن الزبير له بعد هذا الحصار، ولا يلبث أن يدعو دعوة عنيفة لحرب عبد الملك


(١) عمرها: يريد بقاءها.
(٢) عمرنا: عشا زمنا طويلا، يشير إلى خلافة ابن الزبير وأنها استقرت له أعواما.

<<  <  ج: ص:  >  >>