للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها زوجة (١) على بن عبد الله بن العباس، وكان ممن يجيرون على عبد الملك، ولكن يظهر أنه لم يستطع أن يطلب العفو منه على ابن قيس الرقيات لأن ذنبه كان عظيما. ومن ثمّ رأيناه يخرج من مخبئه، ميمّما وجهه شطر عبد الله بن جعفر فى المدينة، ويقال إنه راسل عبد العزيز بن مروان كى يشفع له عند أخيه، ولبّاه عبد العزيز، فأرسل إلى ابنته أم البنين، وكان عبد الملك لا يردّ لها طلبا، أن تشفع فيه، وقبلت شفاعتها، وقيل بل راسلها ابن جعفر وفى رواية أن ابن جعفر هو الذى شفع له عند عبد الملك، ولم يلبث أن مثل بين يديه ينشده بائيته التى يقول فيها:

ما نقموا من بنى أمية إ ... لاّ أنهم يحلمون إن غضبوا

وأنهم معدن الملوك فلا ... تصلح إلا عليهم العرب

إن الفنيق الذى أبوه أبو ال‍ ... عاصى عليه الوقار والحجب (٢)

خليفة الله فوق منبره ... جفّت بذاك الأقلام والكتب

يعتدل التاج فوق مفرقه ... على جبين كأنه الذّهب

ويظهر أن عبد الملك لم يطب نفسا له، ومن ثم نرى ابن قيس يولّى وجهه شطر العراق فيمدح أخاه بشرا، ويعطيه الجزيل. ويعود من لدنه إلى الحجاز فيعيش فى ظل ابن جعفر يغدق عليه من برّه ونواله، ويجذبه جود عبد العزيز بن مروان بمصر، فيرحل إليه، ويمكث عنده طويلا، حتى إذا فكر عبد الملك فى صرف ولاية العهد عنه إلى ابنه الوليد رأيناه يثور معه على أخيه، إذ يقول فى بعض مدائحه له، مبشرا له بالخلافة وأنها ستصير إليه وإلى بنيه:

لتهنه مصر والعراق وما ... بالشام من بزّه ومن ذهبه (٣)

يخلفك البيض من بنيك كما ... يخلف عود النّضار فى شعبه (٤)

نحن على بيعة الرسول وما ... أعطى من عجمه ومن عربه


(١) انظر وفيات الأعيان لابن خلكان (طبعة أوربا) ص ٤١٢.
(٢) الفنيق: أصله الفحل من الإبل الكريم على أصحابه.
(٣) البز: الثياب والمتاع.
(٤) النضار: يريد الشجر النضر، ويخلف الثانية: ينبت عودا بعد عود.

<<  <  ج: ص:  >  >>