للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعكّ ولخم والسّكون وحمير ... وكندة والحيّان بكر وتغلب

وما كانت الأنصار فيها أذلّة ... ولا غيّبا عنها إذ الناس غيّب

فإن هى لم تصلح لحىّ سواهم ... فإن ذوى القربى أحقّ وأقرب

وواضح أنه بنى احتجاجه على أقيسة عقلية، فهو يستدل بآى القرآن الحكيم فى سور «حاميم» وغيرها التى تشيد بأهل البيت وقرابتهم من الرسول، مقررة حقّ ذوى القربى من مثل: {(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ)} ومثل: {(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)} ويناقش الأمويين فى نظامهم الوراثى، وأنهم لا يدلون للرسول كما يدلى آل بيته، فهم ورثته الشرعيون، وإلا لورثته القبائل جميعا وعلى رأسها الأنصار الذين أعز الله بهم الإسلام. وهو يستدل بالنضوص القرآنية تارة ويحكّم العقل تارة أخرى.

ودائما يعرض هذه الأدلة مجادلا محاولا الظفر بخصومه، فإن ترك ذلك لجّ فى عقيدته الزيدية وأصولها المذهبية، ومعروف أنها كانت-فى أصلها-من أكثر العقائد الشيعية اعتدالا وإن داخلها فيما بعد التطرف والمغالاة، إذ كان زيد بن على لا يؤمن بتناسخ ولا ببداء ولا برجعة على نحو ما كان يؤمن الكيسانية، وكان لا يدخل فى عقيدته أى شعوذة أو غلو مسرف، إنما كان يثبت نظرية الوصاية، وما تؤمن به الشيعة جميعا من أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى لعلى يوم غدير خمّ، وفى ذلك يقول الكميت:

ويوم الدّوح دوح غدير خمّ ... أبان له الولاية لو أطيعا (١)

وكان زيد كما قدمنا يرى جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل وبذلك صحّح خلافة أبى بكر وعمر ولم يطعن فيهما، ولا دفع إلى شتمهما كما تصنع الرافضة، وفى هذا يقول الكميت:

أهوى عليّا أمير المؤمنين ولا ... أرضى بشتم أبى بكر ولا عمرا

ومعروف أن زيدا كان يشترط فى الإمام أن يكون من أبناء فاطمة، ويحتّم أن يكون عالما زاهدا شجاعا سخيّا (٢)، ويردّد الكميت فى هاشمياته هذه الصفات، يقول فى مدح الأئمة من الهاشميين:


(١) غدير خم: بين المدينة ومكة، نزله الرسول وخطب فيه.
(٢) انظر الملل والنحل ص ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>