للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلف (١) أمىّ تستطعم (٢) الكسرة وتستشفى (٣) بالتمرة، والأمور عليك حسرة، خرجت لتنال شبعة (٤)، فلحق بك طغام (٥) صلوا بما صليت به من العيش فهم يهزّون الرماح ويستنشئون (٦) الرياح، على خوف وجهد من أمورهم، وما أصبحوا ينتظرون أعظم مما جهلوا معرفته، ثم أهلكهم الله بنزحتين (٧).

والسلام».

وأجابه قطرى:

«سلام على الهداة من الولاة الذين يرعون حريم الله ويرهبون نقمه، فالحمد لله على ما أظهر من دينه، وأظلع به أهل السّفال (٨) وهدى به من الضلال ونصر به عند استخفافك بحقّه. كتبت إلىّ تذكر أنى أعرابىّ جلف أمىّ أستطعم الكسرة، وأستشفى بالتمرة، ولعمرى يا ابن أمّ الحجاج (٩) إنك لمتيّه فى جبلّتك (١٠)، مطلخمّ (١١) فى طريقتك، واه فى وثيقتك (١٢)، لا تعرف الله ولا تجزع من خطيئتك، يئست واستيأست من ربك، فالشيطان قرينك، لا تجاذبه وثاقك، ولا تنازعه خناقك. فالحمد لله الذى لو شاء أبرز لى صفحتك، وأوضح لى صلعتك (١٣)، فو الذى نفس قطرىّ بيده لعرفت أن مقارعة الأبطال ليس كتصدير (١٤) المقال، مع أنى أرجو أن يدحض الله حجّتك، وأن يمنحنى مهجتك».

وواضح أن كلا منهما يرمى صاحبه بالضلالة والغواية، وقد عنيا جميعا بالتأنق فى أسلوبهما. ومن ثمّ زيّنا كلامهما بالسجع. وإذا تركنا الأزارقة إلى الصّفرية وجدنا شبيبا يراسل صالح بن مسرّح حاضّا على الخروج (١٥).

ولم تحتفظ المصادر برسائل للنجدات والإباضية.


(١) جلف: جاف.
(٢) تستطعم الناس: تسألهم أن يطعموك.
(٣) تستشفى: تطلب الشفاء.
(٤) الشبعة: ما يشبع من الطعام.
(٥) طغام الناس: أرذالهم.
(٦) يستنشئون الرياح: يتنسمونها، كناية عن جوعهم.
(٧) يشير الحجاج إلى هزيمتين هزمهما الأزارقة أمام المهلب بن أبى صفرة.
(٨) أظلع: من الظلع وهو العرج. السفال: سفول الخلق.
(٩) يقولون ذلك إذا أرادوا الطعن فى النسب.
(١٠) متيه: مضلل. الجبلة: السجية.
(١١) مطلخم: متعجرف.
(١٢) الوثيقة: الثقة.
(١٣) كناية عن ذلته وانكشاف أمره.
(١٤) تصدير المقال: تسطيره وتحبيره.
(١٥) طبرى ٥/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>