للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدب الكبير والأدب الصغير (١).

وعلى نحو ما تتضح ثقافة عبد؟ ؟ ؟ بالأدب الأخلاقى الساسانى فى الرسالتين السابقتين تتضح ثقافته؟ ؟ ؟ السياسى فى رسالته الطويلة التى كتبها على لسان مروان إلى ابنه (٢)؟ ؟ ؟ عبد الله حين أمره بمحاربة الضحاك بن قيس الشيبانى الخارجى؟ ؟ ؟ ، وكانت ثورته قد استفحلت بالعراق والموصل سنة ١٢٨. ولا نكاد نلمّ بهذه الرسالة حتى نراها طويلة طولا غير مألوف، إذ امتدت إلى نحو أربعين صحيفة من القطع الكبير. وهو يستهلها بمقدمة يذكر فيها اختيار أمير المؤمنين له فى محاربة الضحاك وأصحابه الذين انتهكوا حرمة الإسلام وعاثوا فى الأرض مستحلّين دماء المسلمين، وأنه رأى أن يكتب إليه بعهد يؤدى به حقّ الله الواجب عليه فى إرشاده. ويمضى العهد بعد ذلك موزّعا على موضوعات ثلاثة كبيرة، وكل موضوع يتشعب شعبا كثيرة، وكل شعبة تستقل بفقرة محدودة تحيط بدقائقها. وأول هذه الموضوعات يتناول فيه عبد الحميد آداب قائد الجيش فى سلوكه مع نفسه ومع حاشيته ورؤساء جنده. ويتناول الموضوع الثانى سياسته فى لقاء العدو وما ينبغى أن يتخذ من عيون ترصد حركاته، ويفيض فى بيان الخصال التى ينبغى أن يتصف بها رؤساء جيشه والأخرى التى ينبغى أن تتصف بها طلائعه. وفى الموضوع الثالث يتناول نظام الجيش فى الحرب، ويقول إنه ينبغى أن لا يسير إلا فى مقدمة وميمنة وميسرة وساقة أو مؤخرة، ويصور له كيف يعدّ جيشه حين اللقاء وكيف يقسمه إلى وحدات، كل وحدة مائة رجل عليهم شخص من أهل المروءة والنجدة. ويشير إلى ما ينبغى أن يتحلى به خازن أمواله من خلال.

وينصحه أن يتخذ كل وسيلة لإفساد رجال العدو عليه بمكاتبتهم ووعده لهم بالمنالات والولايات. ودائما ينصحه بالتقوى والاعتماد على الله فى غدوّه ورواحه ومنازلة خصمه. ويختم الرسالة بالدعاء له.

والرسالة على هذا النحو دستور كبير لقائد الجيش، وهو دستور استعان


(١) انظر كتابنا «الفن ومذاهبة فى النثر العربى» ص ١٣٩ وما بعدها.
(٢) صبح الأعشى ١٠/ ١٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>