للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبايعه الناس (١)، وأقرّت بذلك بلدان الخلافة ما عدا باذغيس إذ ثار بها شخص يسمى أستاذ سينس ادّعى النبوة وتبعه خلق كثير وتفاقم شره، فتصدى له خازم ابن خزيمة التميمى وفضّ جموعه، وحمله إلى المنصور أسيرا، فأمر بقتله (٢).

وولى المهدى بعد أبيه سنة ١٥٨ وفى عهده تحركت الخرّمية حركتين، أما أولاهما فحركة رجل من أتباع أبى مسلم يسمى حكيما من أهل مرو، وقد أعلن ثورته فى سنة ١٦١ واتخذ لوجهه قناعا من ذهب ركبّه عليه حتى لا يرى، ولذلك اشتهر باسم المقنّع الخراسانى. وكان يقول بتناسخ الأرواح، فزعم أنه نبى وأنه التجسد الجديد للذات الإلهية بعد أبى مسلم. وبايعه خلق عظيم أضلهم واستغواهم حتى كانوا يسجدون إلى ناحيته، ووثب بهم على بعض ما وراء النهر، فوجه إليه المهدى القواد وعلى رأسهم سعيد الحرسىّ، فاعتصم منهم بقلعة من أعمال كش على مقربة من جرجان، ولما يئس من المقاومة أضرم نارا عظيمة أحرق بها كل ما فى القلعة من دواب وثياب ومتاع وألقى فيها بنفسه وأولاده ونسائه، ويقال: بل مصّ سمّا وأسقى نساءه وأولاده فتلف وتلفوا، وبذلك خمدت حركته (٣). أما الحركة الثانية فكانت فى سنة ١٦٢ إذ ظهرت طائفة من الخرمية بجرجان تسمى المحمّرة لحمرة راياتها، وكان على رأسهم شخص يسمى عبد القهار، فقتلوا وأفسدوا وعاثوا فى الأرض، فسار إليه من طبرستان عمر بن العلاء ممدوح بشار، وقتله ودمّر جنده (٤).

وعظمت-فى عهد المهدى-حركة الزندقة ببغداد والعراق، ورأى المهدى فيها شرّا مستطيرا يتهدّد كيان الدولة والإسلام جميعا، فجدّ فى طلب الزنادقة منذ سنة ١٦٦ (٥) وقيل بل منذ سنة ١٦٣ واتخذ لهم ديوانا يتعقبهم، جعل عليه عمر الكلواذانىّ (٦)، وأخذ يقتلهم ويصلبهم نكالا لغيرهم، وكان ممن قتله عبد الله ابن وزيره أبى عبيد الله وبشار بن برد وتوفّى الكلواذانى سنة ١٦٨ فخلفه على الديوان حمدويه (٧) وهو محمد بن عيسى من أهل ميسان.


(١) اليعقوبى ٣/ ١١٥ والطبرى ٦/ ٢٧١ وابن الطقطقى ص ١٢٦ والنجوم الزاهرة ٢/ ٧، ٥٣.
(٢) اليعقوبى ٣/ ١١٥.
(٣) طبرى ٦/ ٣٦٧، وابن الطقطقى ص ١٣٢ والنجوم الزاهرة ٢/ ٣٨، ٤٥.
(٤) اليعقوبى ٣/ ١٣٠ والطبرى ٦/ ٣٧٣ والنجوم الزاهرة ٢/ ٤٢.
(٥) الجهشيارى ص ١٥٣ وقارن بالنجوم الزاهرة ٢/ ٤٥.
(٦) الجهشيارى ص ١٥٦ والكاواذانى نسبة إلى كاواذا وهى قرية على بعد فرسخين من بغداد.
(٧) اليعقوبى ٣/ ١٣٣ والطبرى ٦/ ٣٩١ والنجوم الزاهرة ٢/ ٥٥، ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>