للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما جعل أبا دلامة مضحكة ينشده (١):

وكنا نرجّى من إمام زيادة ... فزاد الإمام المصطفى فى القلانس

تراها على هام الرجال كأنها ... دنان يهود جلّلت بالبرانس (٢)

وكان الشعراء يلبسون الوشى والمقطعات الحريرية (٣)، ويلبس المغنون قطوع الديباج والخزّ (٤)، ويقال إنه كان لعمارة بن حمزة أحد كتّاب الخراج ألف دوّاج من صوف وفراء (٥)

واستكثروا حينئذ من العطور وأنواع الطيب من الغالية والمسك والكافور والعنبر والروائح الأرجة التى كانت تستخلص من البنفسج والنرجس والنّيلوفر وغير ذلك من الأزهار، واشتهرت جور الفارسية بماء الورد وأدهنة الزعفران.

وبالغ النساء حرائر وجوارى فى زينتهن وأناقتهن، فكن يرفلن فى الثياب الحريرية ويختلن فى الحلى والجواهر متخذات منها تيجانا وأقراطا وخلاخيل وعقودا وقلائد، وقد ينظمنها على شعرهن (٦) أو على عصائبهن (٧)، ويقال إن دنانير جارية البرامكة كانت تتحلّى بعقد من الجوهر بلغت قيمته ثلاثين ألف دينار كان قد أهداه إليها الرشيد (٨). وكن يتعطون بأنواع الطيب من مفرقهن إلى أقدامهن، ويقال إن عريب المغنية كانت تغسل شعرها من جمعة إلى جمعة وتغلفه فى كل غسلة بستين مثقالا مسكا وعنبرا (٩). وكن يمشطن شعورهن بأمشاط من الصّدف والصّندل (١٠) ويعقصنه أو يرسلنه غدائر تنوس، وقد يلوينه على أصداغهن فى هيئة النون أو هيئة العقرب، وفى ذلك يقول أبو نواس واصفا طائفة منهن (١١):

أصداغهنّ معقربا ... ت والشّوارب من عبير


(١) أغانى ١٠/ ٢٣٦.
(٢) الهام: الرءوس. جللت: غطيت. البرانس كالقلانس، والشاشيات: أغطية للرأس.
(٣) البيان والتبيين ٣/ ١١٥.
(٤) أغانى ٦/ ٢٩٣ وانظر ٥/ ٣١٧.
(٥) الجهشيارى ص ١٤٩. والدواج: من الملابس التى يلتحف بها.
(٦) طبرى ٦/ ٤٣٥.
(٧) أغانى (طبع دار الكتب) ١٠/ ١٦٢
(٨) أغانى (طبعة الساسى) ١٦/ ١٣٢ وانظر فى عقد آخر نفيس أهداه الواثق لفريدة الصغرى المغنية الأغانى (طبعة دار الكتب) ٤/ ١١٧.
(٩) أغانى (ساسى) ١٨/ ١٨٧.
(١٠) وكان الرجال يتخذون هذه الأمشاط أيضا. انظر كتاب البخلاء للجاحظ (طبعة دار الكاتب المصرى) ص ٥٣.
(١١) ديوان أبى نواس (طبعة آصاف) ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>