للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمسيح طبيعة واحدة وأقنوما واحدا. ولذلك يسمون أصحاب الطبيعة الواحدة، وصاحب هذا المذهب هو يعقوب البرادعى المولود حوالى سنة ٥٠٠ للميلاد، وقد دخل فى مذهبه-كما قدمنا-الغساسنة ومن والاهم من عرب الشام.

ونفذت النصرانية إلى عرب العراق أيضا إلى تغلب وإياد وبكر، وتغلغلت فى الحيرة على الرغم من ملوكها الوثنيين، فكان يعتنقها بها العباديون، وأغلب الظن أنهم سموا بذلك تمييزا لهم من جيرانهم الوثنيين، فهم عباد الله. ولم يكونوا يعاقبة كعرب الشام، ، وإنما كانوا غالبا نساطرة نسبة إلى نسطوريوس (Nestorius) المتوفى سنة ٤٥٠ للميلاد وكان يرى أن للمسيح طبيعتين أو أقنومين: أقنوم الناسوت وأقنوم اللاهوت. وقد تأخرت الهيئة الحاكمة من آل المنذر فى التنصر، ويقال إن هندا أم عمرو بن المنذر ابتنت ديرا هناك، وقد دخل النعمان بن المنذر فى النصرانية، وهو آخر المناذرة.

وكان الرقيق الحبشى الذى تزخر به مكة نصرانيا، ويظن أنه كان بها جالية من الروم النصارى (١)، ويقال إنه كان بها عبدان نصرانيان أصلهما من عين التمر (٢) وإنه كان بها جوار روميات (٣)، ويقال إن شماسا زار مكة فى الجاهلية، (٤) وكان يعيش فى مرّ الظهران راهب مسيحى (٥). ويزعم اليعقوبى أن قوما تنصروا من قريش قبيل الإسلام منهم ورقة ابن نوفل وعتبة بن أبى لهب وعثمان بن الحويرث الأسدى (٦). والمظنون أنه كان فى المدينة بعض النصارى، وإليهم يشير حسان فى رثائه للرسول صلوات الله عليه-إن صح أنه له-إذ يقول (٧):

فرحت نصارى يثرب ويهودها ... لما توارى فى الضريح الملحد

وكانت النصرانية منتشرة فى طئ ودومة الجندل. وهى على هذا النحو كانت تختلف عن اليهودية فإنها لم تذع فى القبائل، على أنه ينبغى أن لا نبالغ فى تصور من تنصروا من العرب قبل الإسلام، ونظن أنهم قاموا بتعاليم النصرانية قياما دقيقا،


P .٤٨١. O'Leary,Arabia Before Mohammad (١)
(٢) أسباب النزول للواحدى ص ٢١٢.
(٣) أسد الغابة ١/ ٣٨٧، ٤/ ٢٣٢، ٥/ ١٩٤، ٤٦٢.
(٤) ابن هشام ١/ ٣٤٩ وأسد الغابة ٣/ ٣٧٥
(٥) السيرة الحلبية ١/ ٧٥.
(٦) تاريخ اليعقوبى ١/ ٢٩٨.
(٧) ديوان حسان (طبعة هرشفلد) ص ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>