للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمه حبشية والهادى والرشيد أمهما الخيزران رومية والمأمون أمه مراجل فارسية وكذلك أم المعتصم ماردة. وكانت أم الواثق رومية وتسمى قراطيس. وقد أخذ هؤلاء الجوارى يكثرن فى القصر منذ المهدى وكان بينهن من يعلقن الصّلبان ويقال إنه اشترى جاريته مكنونة بمائة ألف درهم (١). وقد استكثر الرشيد وزوجه زبيدة من الجوارى والإماء حتى قيل إنه كان عند كل منهما زهاء ألفى جارية فى أحسن زى من الثياب والجوهر (٢)، وكانت سحر وضياء وخنث من بينهن يشغفن قلبه، وفيهن يقول، وقيل: بل نظم ذلك العباس بن الأحنف على لسانه (٣):

ملك الثلاث الآنسات عنانى ... وحللن من قلبى بكل مكان

مالى تطاوعنى البريّة كلّها ... وأطيعهنّ وهنّ فى عصيانى

ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... -وبه عززن-أعزّ من سلطانى

وكان قصر الأمين يزخر بالجوارى الغلاميات اللائى يلبسن لبس الغلمان (٤)، وزخر قصر المأمون بالجوارى المسيحيات (٥)، كما زخر بهن وبغيرهن قصر المعتصم والواثق (٦).

وكانت قصور الوزراء والأمراء تمتلئ بهن، حتى ليروى أنه كان لعتّابة زوج يحيى بن خالد البرمكى مائة وصيفة، لبوس كل واحدة منهن وحليّها خلاف لبوس الأخرى وحليّها (٧). ويفيض كتاب الأغانى بأخبارهن فى دور علية القوم وفى دور النخاسة والقيان ويصوّر كيف كان يغشى الدور الأخيرة الشعراء، والجوارى يستصبين قلوبهم وكثيرا ما يقع حب جارية فى قلب شاعر ويصبح محنة لا يجد إلى التخلص منها سبيلا، وكان من الشعراء من يقاوم إغراءهن. ولكنه يغاديهنّ صباح مساء مفتونا بهن. وعلى هذا النحو كانت دور النخاسة وانقيان معارض للجمال، وهى معارض مفتوحة ليلا ونهارا يجتمع فيها الفتيان من الشعراء وغير


(١) أغانى (طبعة دار الكتب) ١٠/ ١٦٢.
(٢) أغانى ١٠/ ١٧٢ وانظر طبعة الساسى ١٦/ ١٣٢.
(٣) أغانى (طبعة دار الكتب) ١٦/ ٣٤٥.
(٤) المسعودى ٤/ ٢٤٤
(٥) أغانى (ساسى) ١٩/ ١٣٨.
(٦) أغانى (دار الكتب) ٥/ ٢٨٨، ٧/ ٩٨، ١٢/ ٥١، ١٦/ ١٢.
(٧) الجهشيارى ص ٢٤١ والمسعودى ٣/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>