للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراتب وطبقات على نحو ما جعلهم أردشير (١) بن بابك، وهو الذى طلب إلى إبراهيم لموصلى وإسماعيل بن جامع وفليح بن أبى العوراء أن يختاروا له الأصوات المائة التى أدار أبو الفرج الأصبهانى-فيما بعد-كتابه الأغانى عليها. وكان الأمين يعيش للسماع والقصف، ويقال إنه اشترى بذلا المغنية بعشرين ألف ألف درهم (٢). وكان فى المأمون وقار فامتنع عن السماع بعد قدومه من خراسان أربع سنوات، ثم أقبل عليه فملأ مجالسه بإسحق الموصلى ومخارق، ويقال إنه اشترى عريب المغنية المحسنة الشاعرة بمائة ألف درهم، واشتراها المعتصم بنفس الثمن بعد وفاته (٣)، وكان الواثق أشد كلفا بالغناء لإحسانه الضرب على آلاته، وله فيه أصوات سجلها صاحب الأغانى، ويقال إنه اشتريت له قلم الصالحية المغنية بعشرة آلاف دينار (٤).

ومن أبرز المغنين حينئذ إبراهيم الموصلى، ويقال إنه خلّف تسعمائة صوت صنعها ابتداء (٥)، وكان يغنى الرشيد على ضرب زلزل وزمر برصوما (٦)، وفى ذلك ما يدل على أنهم عرفوا غناء الجوقات. ومنهم ابن جامع مغنى الرشيد وكان يقال فيه إنه زقّ عسل حلو، وطرب الهادى لصوت غناه فأعطاه ثلاثين ألف دينار (٧). ومنهم مخارق وكان الناس يبكون لجمال غنائه ورقته، وسمعه أبو العتاهية فقال له: يا دواء المجانين لقد رققت حتى كدت أن أحسوك، فلو كان الغناء طعاما لكان غناؤك أدما، ولو كان شرابا لكان ماء الحياة (٨). ومنهم علّويه، وكان يقول فيه الواثق: غناء علّويه مثل نقر الطست يبقى فى السمع ساعة بعد سكوته (٩)

وأنبه المغنين فى العصر إسحق الموصلى، وقد تلقن الغناء عن إبراهيم أبيه والضرب على العود عن زلزل، وفى ترجمته بالأغانى أنه أعطاه على تعليمه له مائة ألف درهم.

وكانت صنعته محكمة الأصول، وكان يتصرف فى جميع بسط الإيقاعات.

ويظهر أنه استطاع أن ينتقل بالغناء من حد التطريب إلى حد التعبير، بل لعل


(١) كتاب التاج المنسوب إلى الحاحظ ص ٣٧.
(٢) أغانى (طبعة الساسى) ١٥/ ١٣٨.
(٣) أغانى ١٨/ ١٨٢.
(٤) أغانى (دار الكتب) ١٣/ ٣٥٠.
(٥) أغانى ٥/ ١٨٧.
(٦) أغانى ٥/ ٢٤١.
(٧) أغانى ٦/ ٣٠٣.
(٨) أغانى (ساسى) ٢١/ ١٤٧.
(٩) أغانى (دار الكتب) ١١/ ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>