للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغ من فساد طويته أن طعن فى بعض أسباب (١) الرسول صلى الله عليه وسلم.

وليس من شك فى أن عنايته بتلك المثالب هى التى دفعته إلى شرح نقائص جرير والفرزدق لما تحمل منها من وقود جزل، وكان فى الوقت نفسه يعنى بالكتابة فى فضائل الفرس (٢). ومنهم علاّن الشعوبى الفارسى وكان منقطعا إلى البرامكة ونسخ فى بيت الحكمة للرشيد والمأمون، وألّف فى مثالب القبائل العربية كتابا سماه الميدان (٣). وكان يستشعر هذه النزعة فى أعماقه الكاتب الأديب سهل بن هرون الفارسى أحد صنائع البرامكة، وقد أسند إليه المأمون الإشراف على بعض خزائن بيت الحكمة، وكان يتعصب على العرب تعصبا مسرفا، وصنف فى ذلك كتبا كثيرة (٤). وقد افتتح الجاحظ كتابه البخلاء برسالة له أشاد فيها بالبخل وغضّ غضّا شديدا من فضيلة الكرم العربية.

وأهم شاعر فى العصر أوقد نيران هذه الخصومة وظل يمدها بحطب جزل من أشعاره بشار بن برد وكان فى عصر بنى أمية يكثر من الفخر بمواليه من قيس، حتى إذا حدث الانقلاب العباسى انقلب معه يتبرأ من العرب وولائهم ناسبا ولاءه إلى الله ذى الجلال، يقول (٥):

أصبحت مولى ذى الجلال وبعضهم ... مولى العريب فخذ بفضلك فافخر

وقد مضى يشنّ حربا عنيفة على العرب، وكان أبوه طيّانا يضرب اللّبن، فاعتزى إلى أشراف العجم وملوكهم داخلا-كما يقول الجاحظ-بذلك فى باب فسيح لا حجاب عليه ونسب واسع لا مدافع عنه. ولم يكتف بهذا النسب الذى ادعاه فقد مضى يزعم أنه ينتسب من قبل أمه إلى قياصرة الرّوم على نحو ما نجد فى قصيدته (٦):

هل من رسول مخبر ... عنى جميع العرب


(١) الفهرست (طبعة القاهرة) ص ٧٩.
(٢) الفهرست ص ٨٠ والبيان والتبيين ١/ ٣٠٨ والكامل للمبرد ص ٣٥١.
(٣) الفهرست ص ١٥٣.
(٤) الفهرست ص ١٧٤.
(٥) أغانى ٣/ ١٣٩.
(٦) ديوان بشار (طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر) ١/ ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>