للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حرفته، وأنها تضطره أحيانا لبذل مديحه لغير مستحقه من مثل موسى بن إبراهيم الرافقى، فتمنى لو صار له عمل فى الدولة يدرّ عليه ما يكفيه مئونته، وسرعان ما حقّق له صديقه الحسن بن وهب أمنيته، فعيّنه على يريد الموصل، وضل هناك عامين، جاءه فيهما نعى خالد بن يزيد بن مزيد الشيبانى فبكاه وبكى بطولته بكاء حارّا، ولا يدور العام حتى يلبى داعى ربه سنة ٢٣١ للهجرة ويرثيه كثير من الشعراء، وفى مقدمتهم الحسن بن وهب، وفيه يقول (١):

فجع القريض بخاتم الشعراء ... وغدير روضتها حبيب الطائى

ماتا معا فتجاورا فى حفرة ... وكذلك كانا قبل فى الأحياء

ويقال إن بنى حميد الطوسى بنوا على قبره قبة خارج باب الميدان على حافة الخندق (٢)

وأخبار أبى تمام فى أسرته قليلة، وبين مراثيه مرثية فى زوجة له، ويقال إنه كان له أخ يسمى سهما يجرى على لسانه شعر ضعيف (٣). وكان ابنه تمام يقول الشعر، ويظهر أنه كان له بنون مختلفون، وفد احتسب منهم اثنين رثاهما رثاء مؤثرا.

ويقول الصولى إنه كان أسمر طوالا، وكانت فيه تمتمة يسيرة جعلته يتخذ غلاما لإنشاد شعره بين يدى المعتصم وغيره (٤). ويقال إنه كان من أكثر الناس مزاحا (٥) تسعفه فى ذلك بديهة حاضرة. وفى ديوانه رائية يمدح بها أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها يفضل عليا ويشيد بمواقفه فى عصر الرسالة، فهل معنى ذلك أنه كان يتشيع؟ . الحق أنه لم يكن متشيعا، أما هذه القصيدة فنظن ظنّا أنه نظمها حين كتب المأمون إلى الآفاق فى سنة ٢١٢ للهجرة بتفضيل على بن أبى طالب على أبى بكر وعمر، وكان حينئذ بمصر وفى القصيدة نفسها ما يدل على أنه نظمها بها إذ يقول فى مطالعها (٦):

وإن نكيرا أن يضيق بمن له ... عشيرة مثلى أو وسيلته مصر


(١) الصولى ص ٢٧٧.
(٢) هبة الأيام فيما يتعلق بأبى تمام ص ٤٩.
(٣) الصولى ص ١٤٤.
(٤) الصولى ص ٢٥٩ وما بعدها.
(٥) ابن المعتز ص ٢٨٣.
(٦) الديوان (طبعة بيروت) ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>