للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعيفة فإذا أصابت فرصة ... قتلت كذلك قدرة الضعفاء

وكأنّ بهجتها وبهجة كأسها ... نار ونور قيّدا بوعاء

وقد فسح فى مقدماته مرارا للحديث عن الشيب، وكان قد وخطه فى سن مبكرة، وهو لا يحاول تزيينه، بل يعرف دائما بأنه قبيح مكروه وخاصة فى عين المرأة، ومن طريف ماله فيه قوله (١):

لو رأى الله أنّ للشيب فضلا ... جاورته الأبرار فى الخلد شيبا

ولعل من الطريف أنه وقف بعض مقدماته للمديح على وصف الطبيعة، وهو لا يبارى فى تصوير مشاعر الطير وأحاسيسه، ومن خير ما يمثل ذلك عنده تصويره لقمرية وقمرىّ وهما يرشفان رحيق الهوى بينما هو يتعمقه الحزن، وكأنما ترثى له السماء فتستهل بروقها ورعودها، والطبيعة من حوله مكتسية بثياب الربيع المشرقة والطواويس تومض بألوانها الزاهية وأذنابها المزركشة، وكأنها خدم هذا العرس الرائع من أعراس الربيع، يقول (٢):

غنّى فشاقك طائر غرّيد ... لما ترنّم والغصون تميد

ساق على ساق دعا قمريّة ... فدعت تقاسمه الهوى وتصيد (٣)

إلفان فى ظلّ الغصون تألّفا ... والتفّ بينهما هوى معقود

يتطّعمان بريق هذا هذه ... مجعا وذاك بريق تلك معيد (٤)

يا طائران تمتّعا هنّيتما ... وعما الصباح فإننى مجهود

أبكى وقد تلت البروق مضيئة ... من كل أقطار السماء رعود

واهتزّ ريعان الشباب فأشرقت ... لتهلّل الشجر القرى والبيد (٥)

ومضت طواويس العراق فأشرقت ... أذناب مشرقة وهنّ حفود (٦)


(١) الديوان ١/ ١٦٨.
(٢) الديوان ٢/ ١٤٨.
(٣) الساق الأولى: القمرى أو ذكر الحمام. والساق الثانية: ساق الشجرة. تصيد: تصيده وتوقعه فى شباكها.
(٤) مجعا: حسوا.
(٥) يريد بريعان الشباب الربيع.
(٦) ومضت: لمعت وتلألأت. وحفود، جمع حافد؛ وهو الخادم.

<<  <  ج: ص:  >  >>