للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثناؤك ليس تسبقه الرّياح ... يطير ومن نداك له جناح

تطيب بذكرك الأفواه حتى ... كأن رضابها مسك وراح (١)

جلبت إلى الأعادى أسد غاب ... براثنها الأسنّة والصّفاح (٢)

وكان يوسف بن تاشفين والمرابطون ينسبون أنفسهم إلى العرب فى حمير وكان بنو عباد من قبيلة لخم اليمنية، وذكر ذلك عبد الجليل بن وهبون فى قصيدة يهنئ فيها يوسف بن تاشفين والمعتمد بهذا النصر المبين منشدا (٣):

نمى فى حمير ونمتك لخم ... وتلك وشائج فيها التحام

فيوسف يوسف إذ أنت منه ... كيامن، لا وهى لكما نظام

فإن ينج الّلعين فلا كحرّ ... ولكن مثلما ينجو اللئام

وصاروا فوق ظهر الأرض أرضا ... كأن وهادها منهم إكام

وهو يجعل يوسف نفس سميه الصديق ويجعل المعتمد أخا له يشد أزره مثل يا من أخى الصديق وهو بنيامين. ويقول إن وهاد الأرض استحالت من جثث الأعداء إكاما أو أكمات وتلالا. وللشاعر يوسف بن عبد الصمد شاعر المرية تهنئة بديعة (٤) للمعتمد بهذا النصر غير أنه خصه بها وحده. وعاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب بعد أن نصح أمراء الطوائف بالوحدة، ولقّب بعد تلك الموقعة المظفّرة بأمير المسلمين، وبنى ألفونس حصنا ضخما بالقرب من مرسية فى موضع يسمى لييط، ليجدد إغاراته على أمراء الطوائف، فاستنجدوا بابن تاشفين، وعبر ثانيا الزقاق سنة ٤٨١ ووجّه قواته إلى حصن لييط، واضطر ألفونس إلى هدم الحصن وإخلائه. وسرعان ما عاد أمراء الطوائف إلى سابق العهد بهم من الانغمار فى الخلافات وفى الترف واللهو، فاستصرخ فقهاء الأندلس ابن تاشفين ليزيل-إلى غير رجعة-حكم هؤلاء الأمراء الذين يخربون بيوتهم وبيوت المسلمين فى الأندلس بأيديهم. وعبر يوسف الزقاق فى رجب سنة ٤٨٣ وتقدم قائده ابن أخيه سير بن أبى بكر، فاستسلم طواعية عبد الله بن بلقّين أمير غرناطة، واستسلم المعتمد بن عباد فى إشبيلية كرها واستسلمت المرية ومرسية وشاطبة وبطليوس، وهلّل


(١) الرضاب: الريق المرشوف. راح: خمر
(٢) البراثن: جمع برثن: مخلب السبع. الصفاح: السيوف.
(٣) الذخيرة ٢/ ٢٤٥ وابن وهبون من شعراء المعتمد بن عباد، وسنفرد له ترجمة فى الفصل التالى.
(٤) انظر فى هذه التهنئة الذخيرة ٣/ ٨١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>