للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللهو المباح وغير المباح والفرجة على أصحاب المساخر، وكان منهم من يتهادون على صفحة دجلة فى القوارب الجميلة ومنهم من يبعد فى البساتين. أما أعياد الإسلام فهى عيد الفطر وعيد الأضحى، وأما أعياد الفرس فكانت كثيرة، مثل عيد السّدق وهو عيد مجوسى للنار وكانوا يوقدونها طوال الليل متغنين من حولها وراقصين، ومن أعيادهم عيد هرمزد إله الخير، وفيه يقول والبة بن الحباب (١):

قد قابلتنا الكئوس ... ودابرتنا النحوس

واليوم هرمزد روز ... قد عظّمته المجوس

وأهم أعيادهم عيد النّيروز، وهو عيد الربيع، وكانوا يحتفلون به احتفالات صاخية لأول الربيع حين تدخل الشمس برج الحمل، وفيه يقول أبو نواس (٢):

أما ترى الشمس حلّت الحملا ... وقام وزن الزمان فاعتدلا

وغنّت الطير بعد عجمتها ... واستوفت الخمر حولها كملا

واكتست الأرض من زخارفها ... وشى نبات تخاله حللا

فاشرب على جدّة الزمان فقد ... أصبح وجه الزمان مقتبلا

وكانوا يحتفلون بعيد المهرجان بعده بمائة وأربعة وتسعين يوما.

وكانت أعياد النصارى كثيرة أيضا، فمنها عيد الميلاد وعيد الفصح وعيد دير الثعالب فى الجانب الغربى لبغداد وعيد دير أشمونى بقطربّل، ومنها عيد الشّعانين وكان عيدا قديما للأشجار وخاصة أشجار الزيتون، وكانت الجوارى النصرانيات يحتفلن به فى قصر الخلافة، إذ يروى أحمد بن صدقة المغنى أنه دخل على المأمون فى هذا العيد، فرأى بين يديه عشرين وصيفة رومية أدرن الزّنّار حول أوساطهن وتزيّن بالديباج وعلّقن فى أعناقهن صلبان الذهب وأمسكن فى أيديهن بالخوص والزيتون، ولم يكد المأمون يراه حتى طلب إليه أن يغنيه فى أبيات تصفهن، تجرى على هذا النمط:

ظباء كالدّنانير ... ملاح فى المقاصير


(١) ابن المعتز ص ٨٨ وروز يوم بالفارسية.
(٢) ديوان أبى نواس ص ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>