للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دفع العذاب وتأخيره]

وتعلمون بم يدفع الله العذاب ويؤخره ويؤجله؟ أقول: هذا لأن بعض من أعمى الله بصيرته، وختم على قلبه وأضله، لا يكف آناء الليل أو النهار عن السخرية والوقيعة والاستهزاء بمن هدى الله تبارك وتعالى من الشباب الصالحين.

ما الذي يدفع عنا عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذا أراد أن يعذبنا؟ نعوذ بالله من العذاب؛ إنه دعاء الصالحين.

إذن نستبقي هؤلاء الصالحين، ونحمد الله إذا كثر هؤلاء الشباب الذين يقرءون كتاب الله ويحفظونه، ويدعون إلى الخير، وإلى الالتزام بالحجاب، ويدعون ألى ترك الربا، والزنا، وإلى ترك المنكرات، وإلى ترك الغناء والملاهي.

إن وجود هؤلاء بيننا يدعوننا نعمة، وبدعوتهم للإصلاح وبدعائهم لله يدفع الله العذاب {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧] ما دام فينا مصلحون، ولا يدري الفاسق، الفاجر، اللاهي، العابث الساهر ليله كله، والنائم نهاره عن طاعة الله، ما يدري أن النعمة هذه أنها بفضل الله أولاً ثم بوجود الأخيار الأتقياء، لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما يعذبنا وهؤلاء مصلحون يدعون إلى تقوى الله، ويسألونه المعافاة ودفع البلاء.

فينظر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأعمالنا، فإن استجبنا لهؤلاء الدعاة واتبعنا ما يقولون، ليس ما يقولون لأنفسهم بل قولهم: قال الله وقال رسول الله؛ رحمنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإن قابلناهم بالرد والاستهزاء والسخرية جاء العذاب -نسأل الله العفو والعافية- وحتى وإن أتى العذاب في الدنيا على الجميع فإنهم يبعثون على نياتهم، وأم المؤمنين رضي الله تعالى عنها لما سألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم.

إذا كثر الخبث} إذا كثر الخبث يأتي الهلاك وإن كان فينا صالحون.

لكن متى يمتنع العذاب؟ إذا كان فينا مصلحون.

إذاً الحمد لله أن هؤلاء الدعاة يدعوننا، وإذا لم يدعونا ظلوا صالحين ونحن ما زلنا عاصين جاء العذاب، ولو كثر الصالحون، لكن إذا كان المصلحون يدعوننا ونحن نسمع وفينا من يستجيب، دفعنا وأجلنا وأخرنا -بإذن الله- عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي لا يُرد عن القوم المجرمين إلا بالتوبة، وبالإيمان، وبالإنابة، وبالضراعة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فنحن -والله- في غفلة عظيمة، قلوب قاسية، نتقلب في نعم الله ولا نذكر الله إلا قليلاً، وإذا عبدناه واتقيناه أتانا الشيطان وجعل المنة والفضل لنا، وقال: أنتم من المهتدين، ومن المتقين، وأنت أحسن من غيرك، وأنت فيك وفيك، ليزين لك عدو الله أسباب الضلال، وليحبط عملك.

نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يمنَّ علينا وعليكم بالهداية والاستقامة، وأن يعيذنا من شر الشيطان، ونزغاته، ووساوسه.