ذكرتم -حفظكم الله وأثابكم- أنه يجب النصح للناس، ولا سيما في هذه الأوقات، فهل على المقصر في جنب الله أن يقوم بالنصح والإرشاد؟
الجواب
هذا السؤال وجيه، فكثير من الإخوة يقول: أنا مقصر، فهل أنصح غيري، ونقول: إن هناك حديثاً وإن كان في سنده ضعف، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:{مروا بالمعروف وإن لم تفعلوه، وانهوا عن المنكر وإن فعلتموه} ولكن الظاهر أنه لا يصح مرفوعاً عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن يصح من حيث المعنى ومن حيث عمل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وقد يصح أنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه، بمعنى أن شعب الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة، فإذا لم يأمر الإنسان بالمعروف ولم ينه عن المنكر إلا إذا استكمل شعب الإيمان جميعاً، فربما انقطعت هذه الشعيرة، ولم يوجد من يقوم بها.
ولا ينبغي للعبد المؤمن أن يجمع بين ذنبين، بين تقصيره في طاعة الله من جهة، وبين ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة أخرى، فإذا وجد في الإنسان تقصير في بعض الطاعات وفي بعض الجوانب، فيجب عليه أن ينصح الناس، وأن يرشدهم وأن يذكرهم ليرجعوا إلى الله -تبارك وتعالى- ومع ذلك يخوف نفسه كما قال تعالى:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}[البقرة:٤٤].
ويتذكر حديث الرجل الذي يجر أقتابه وقصبه في النار -نسأل الله العفو والعافية- والناس ينظرون إليه يقولون له: مالك! ألم تكن تأمرنا! ألم تكن تنهانا! قال: بلى، ولكن كنت أمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه -نسأل الله العفو والعافية! فهو في حال دعوته للناس، يعظ نفسه أيضاً، والإنسان يستحي من الله تبارك وتعالى أن يعظ الناس بخير ولا يفعله، أو ينهاهم عن شر ويأتيه، وهذه من نعم الله تبارك وتعالى على الدعاة.
ولهذا كان الدعاة إلى الله تبارك وتعالى من أكثر الناس اهتماماً بهذا الأمر؛ لأنهم يأمرون وينهون، فأنفسهم تلومهم ولا تلوم غيرهم؛ لأنهم يقولون: كيف تقولون ما لا تفعلون؟! وتأمرون وتخالفون الناس إلى ما تنهونهم عنه؟! فمن هنا كان من واجبنا الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان فينا ما فينا من تقصير مع السعي الحثيث إلى استكماله إن شاء الله تبارك وتعالى، وهو المعين.