بالمقابل نجد أن أسعد جيل على وجه الأرض، وأكثره طمأنينة وراحة وأماناً في الحياة الدنيا هم جيل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨].
فالمؤمن مطمئن، فإن جاءه الخير فهو مطمئن، وإن جاءه الشر فهو مطمئن، ومهما وقع له فهو مطمئن، فإن ظلم فإيمانه بالله وباليوم الآخر يجعله يطمئن، ويصبر احتساباً، فهو يعلم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوف ينتقم له ممن ظلمه، وليس بقدرته الذاتية، وإن منع حقاً له فهنالك أيضاً اليوم الآخر الذي توفى فيه كل نفس ما كسبت.
أيضاً فإن عالم الدنيا مهما كبر فإنه يصغر عند الإنسان، وذلك عندما يؤمن بعالم الغيب؛ فما قيمة الدنيا عند المؤمن الذي يؤمن بأن موضع سوط في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس! فلماذا نتصارع على هذه الدنيا؟ ولماذا نتتطاحن؟ ولماذا نتشاحن؟ ولماذا البغضاء؟ ولماذا الأحقاد؟ ولماذا العداوات؟ ولذلك فإن المؤمن يطمئن ويرتاح عندما يرى الكفار أو الفجار أو الظلمة قد أخذوا ما أخذوا؛ فبهذا يستقر؛ وإن أُعطي حمد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولم يشغله ذلك عن اليوم الآخر، وعلم أن هذا المتاع فان وزائل، وأنه إن تمتع بشيء منه فهو يتذكر متاع الآخرة؛ فيجتهد ويعمل لها، ويؤجر على هذا العمل؛ لأنه مشروع، ولأنه فعل المأمور فعف نفسه -بهذه الشهوة مثلاً- أو عف أهله إن كانت شهوة مال وما أشبه ذلك.
فيعيش الإنسان والمجتمع المسلم في طمأنينة كاملة، وما ذلك إلا نتيجة الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والإيمان بالغيب، وليس كما يرى بعض المسلمين الإيمان بالغيب في حين أنهم ينقضونه بتصرفات وأعمال عديدة.