وتتجلى شدة التحذير من الشرك في قوله تبارك وتعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر:٦٥] هذا الكلام يخاطَبُ به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكمل الخلق عبودية لله، وأعلم الخلق بالله، وأتقى الخلق لله تبارك وتعالى ولم يقل ذلك له وحده؛ بل قد قيل لمن هم قبله من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، فكلهم خوطبوا بهذا، فبعد أن ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أولئك الأنبياء بالتوحيد في سورة الأنعام عقب بقوله:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:٨٨] ويخاطب الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا وهو الأبعد من الناس عن الوقوع في الشرك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لتكون لنا نحن من بعده العبرة والعظة.
فنحن أولى بأن نحذر من الوقوع في الشرك، وأن نلتزم ونؤمن ونعتقد وندعو إلى توحيد الألوهية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له؛ وألا يعبد غيره ولا يدعى غيره في كل ما شرع سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من أنواع العبادات الكثيرة والمتنوعة التي يجمعها جميعاً أنها الدعاء؛ كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{الدعاء هو العبادة} وكما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠] فجعل الدعاء هو العبادة، وهو كذلك.
فهذا أصل عظيم يقرَّر في كتاب الله تبارك وتعالى لأهمية هذا النوع من أنواع التوحيد الثلاثة.
إذاً: يجب علينا أن نعلم لماذا وقع من وقع في الشرك من هذا الجانب؟ لماذا أشرك المشركون؟ ولماذا أخلُّوا بتوحيد الألوهية؟ وبماذا رد الله تبارك وتعالى عليهم هذه الشبهات؟ وما هذه الحجة الواهية التي سوغت الشرك بالله في هذا الجانب من جوانب التوحيد.