للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المعنى العام والخاص لأهل السنة والجماعة]

وهنا ملاحظة لابد من التنويه إليها، وهي أنه يوجد فرق بين أهل السنة بالمعنى العام، وأهل السنة بالمعنى الخاص، أو نقول: أهل السنة المحضة، وأهل السنة العامة.

قد يطلق أهل السنة أحياناً بما يقابل الروافض، وقد تقول: أهل السنة ويقابله المعتزلة، أو أهل السنة ويقابله المتكلمون، عامة، أو أهل السنة ويقابلهم الصوفية، فلماذا اختص بمقابلة الرافضة ومقابلة الشيعة، فيقال شيعي وسني؟!

الجواب

لكثرة ظهور مذهب التشيع وانتشاره, ولأنه من أجلِّ البدع، كما قال شَيْخ الإِسْلامِ فأصبح كأنه علم على البدعة ' فيقال: هذا الرجل إما سني وإما شيعي، مع أنه قد يكون مقصراً غير شيعي محض، ولكن هذا هو المعنى العام، فالناس الآن مثلاً في الخليج أو في العراق أو في بلاد الشام نقول هم إما أهل سنة وإما شيعة، لكن هل يعني هذا أنهم من أهل السنة المحضة، وأهل الاتباع المتبعين لمنهج السلف الصالح؟ لا، نعني فقط ليسوا شيعة، هذا المعنى الأعم.

المعنى الأخص: أن تقول أهل السنة وتقصد في المقابل أهل البدعة، فتقصد بـ أهل السنة أهل الأثر , وأهل الاتباع الذين يأخذون ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصحابته، إيماناً واعتقاداً, وقولاً وعملاً, ولا يعارضون عن ذلك المنهج بأي منهج من المناهج البدعية، ولا بأي رأي من الآراء البشرية، فهم متبعون لا مبتدعون.

فهم مقابل ما يسميه العلماء بـ أهل الحديث، أو أهل الأثر، أو أهل الاتباع، أو أهل السنة إلى غير ذلك من الألقاب، هذا هو المقصود بـ أهل السنة في هذا المعنى، عادة أن المقابل لهم هو أي مبتدع كان، وإن كان غير رافضي، فإذا كنت تريد أن تميز فرداً أو شعباً أنه ليس من الرافضة، فتقول: أهل مصر أهل سنة، بمعنى أنهم ليسوا شيعة، هذا وارد، وإن كنت تريد التزكية ليس مجرد التمييز فتقول: فلان من أهل السنة، أي أنه على منهج السلف الصالح، وليس من أهل البدع، لأن البدعة: هي ما أحدثت ولم يكن معمولاً بها ولا معروفة عند السلف الصالح.

وأظن أن سبب الإشكال هو دعاوى أولئك، وإلا لم تثر هذه المسائل من قبل، ولذلك لا نجد أن العلماء المتقدمين قالوا: نحن السلفيون -بهذا اللفظ- لكن حقيقتهم هي أنهم كانوا سلفيين قولاً وعملاً واعتقاداً, ظاهراً وباطناً, وخاب وخسر من لم يكن سلفياً في قديم الدهر أو في حديثه لا شك في هذا، لكن هل نجعل أهل السنة والجماعة قسم والسلفيون قسم آخر، ونميز بينهما؟ هذا لا يصح لمجرد أن المبتدعة يدعون أنهم من أهل السنة، بل يوجد من أهل البدع إلى الآن من يقول أو يدعي أن دعوته سلفية، فهل نقره على هذه الدعوى؟ لا، يقر أبداً، فنقول إذاً: لا عبرة بدعوة المدعي وإنما العبرة بالحقيقة نفسها.