يقول الله تعالى:{فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:٤٣] فقد أصبحت قلوبنا فيها قسوة عجيبة، ويدل على ذلك أنه لما أشيع عن الغازات الكيماوية وتأثيرها على الأحياء ثار الرعب والهلع في نفوس الناس، وأنا لا أتكلم عنها على سبيل التخويف منها، مع أن هذه الغازات هي سامة فعلاً، لكنها ليست هي القضية.
لكن القضية هي: لماذا يُنشر مثل هذا الكلام الذي ليس له أصل ولا تصريح رسمي؟ ولماذا يقال للناس خذوا أقنعة أو احتاطوا؟ والمهم أن مصدره وقائله غير مؤكد وغير معروف.
ومع ذلك خاف الناس وذعروا، وبدأ كل إنسان يفكر جدياً: ماذا أصنع؟ وهل منطقتنا بعيدة عن الأحداث أم قريبة؟ وإذا وصل الغاز ماذا أفعل؟ سبحان الله!! القرآن كلام الله رب العالمين يحدثنا عن عذاب جهنم، وعن دخان جهنم، فأين هذه الغازات من دخان جهنم، نعوذ بالله من عذاب جهنم؟ أين هم من قوله تعالى:{انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ}[المرسلات:٣٠]؟ وأين هم من قوله تعالى:{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأعراف:٤١] فهذا كلام رب العالمين وهو حق وصدق.
وقد ذكر الله تعالى أسباباً للعذاب، ومنها: المعاصي والذنوب، فهل اتخذنا وقاية من هذه الذنوب والمعاصي؟ وهل فكرنا في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً}[مريم:٧١]؟ فكل إنسان واردها، وكل إنسان سيعبر الجسر المنصوب فوق جهنم كما أخبر الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فهل أعددنا وقاية من عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟! وهل نخاف من الله عز وجل، كما أصابنا الخوف والهلع والذعر من البشر، حتى قلنا: ماذا نتخذ من وقاية لتلافي وقوع الغازات السامة أو غيرها؟! ونتسائل: لماذا أُصبنا بهذه النكبة؟ ولماذا حلّت بنا هذه المصيبة؟! والجواب معروف، وهو أنه لم نعد نخاف من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولم نعد نخاف من وقوع وعيده وعذابه.
ولم نعد نستمع إلى آيات القرآن وما فيها من وعد أو وعيد، وإن استمعنا فإننا نستمع إليه وقلوبنا غافلة إلا من رحم ربك، وننتظر متى نكف عن الغناء واللهو والطرب؟! ومتى سينتهي الربا؟! وهل انتهى التبرج واللهو في الأسواق والملاهي والمنتزهات؟ لم يحدث شيء من ذلك: هل أعيدت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووضع لها اعتبارها؛ لعل الله أن يرحمنا، ويدفع عنا العذاب؟! وهل أعدنا وضع مدارس تحفيظ القرآن إلى وضعها الطبيعي؟! وغير ذلك كثير.
وأين الرقابة الإعلامية؟! فهناك الكثير من الصحف والمجلات الكويتية المخلة، فيا ترى هل هذه الصحف والمجلات عوقبت على فسادها وإلحادها وكفرها الذي كنا نتحدث عنه في أكثر الأسابيع؟! إننا لم نفعل شيئاً من هذا، وحالنا كما هو: الذي لا يصلي؛ لا يصلي قبل الأحداث وبعدها، والذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر لم يتغير حاله إلا من رحم الله، فليس هناك اعتبار ولا اتعاظ ولا تضرع ولا رجوع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى!! فمن الذي حاسب نفسه وقال: كان عملنا حراماً فلنبتعد عنه أو كان هذا الشيء واجباً ولم نفعله، فيجب أن نفعله؟ لم يحدث شيء من هذا إذاً ماذا نتوقع؟! كيف ندفع العذاب؟ قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}[المؤمنون:٧٦] ويقول الله: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:٤٣] ويقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}[سبأ:٣٤] ويقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ}[الأعراف:٩٦ - ٩٧] وهذا ما حصل في الكويت -والعياذ بالله - {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ}[الأعراف:٩٨] فأين الضراعة التي ذكرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟! فلا والله! ما تضرعنا! ولا استكنا! ولا تبنا! ولا أنبنا! وحالنا كما هو، فكيف تأتينا السكينة؟! وكيف يأتينا الأمان والارتياح؟!