[نصائح في طريق الجهاد والدعوة]
أولاً: ننصح إخواننا جميعاً بتوحيد الله عز وجل، وإخلاص العبادة لله عز وجل، ولا يستنكف أحد عن النصيحة، ويقول: أنت تتهمني في عقيدتي؛ فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربَّى أصحابه على هذا، والله عز وجل ينزل القرآن عليهم ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء:١٣٦].
يخاطبهم وهم مؤمنون بصفة الإيمان ويأمرهم مع ذلك به، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرات عديدة يقوي إيمانهم ويبين لهم الدلائل؛ فليس هذا اتهاماً لهم أنهم ما آمنوا، لكن هذا أهم شرط من شروط النصر، قال تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور:٥٥].
فإذا كان عندك عشرة آلاف مجاهد من العامة لم يتربوا التربية الكافية، كما يقول الشيخ عبد الله، فنحن لا نقول: لا يمكن أن نجعل العشرة آلاف يعدلون المليون، بل إن عندنا وسيلة تجعل العشرة آلاف يعدلون المليون، وهي: الإيمان الصحيح.
فهذا سعد رضي الله عنه يكتب إلى عمر يريد ثلاثة آلاف مقاتل، فيرسل له القعقاع بن عمرو وحده، ويقول: أرسلت لك ثلاثة آلاف! وهو وحده، لكنه بمنزلة ثلاثة آلاف.
فالمجاهد المسلم في أفغانستان أو في أي مكان إذا عرف التوحيد وحقيقة الإخلاص لله عز وجل، حولناه من فرد إلى مائة إلى ألف وربما إلى ثلاثة آلاف، وهذا من أسباب النصر بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فإذا حققنا التوحيد انتصرنا على أنفسنا؛ لأن المسألة ليست مسألة أرض وتراب، المسألة مسألة توحيد الله، فإذا فعلنا ذلك انتصرنا على أنفسنا، وانتصرنا على عدونا بإذن الله.
ومن استطاع في إجازة ربيع أو غيرها أن يأخذ معه ما يستطيع من كتب إسلامية في العقيدة ويذهب إلى هناك، أو إلى أي بلد، فيعلمهم التوحيد والإيمان، فجزاه الله خيراً، وبهذا نجعل الأمة الإسلامية في حماية من عدوها.
ويوم هُزِمَ المسلمون في أحد قال لهم الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:١٦٥] فهو من عند أنفسهم.
ولم يقع الشرك في عبادة الله، وإنما وقع شرك الإرادة، وهو لا يخرج من الملة إلا إذا غلب على القلب.
وقد ذكر الله عز وجل شرك الإرادة في قوله تعالى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران:١٥٢] وقد كانوا قليلاً من الرماة، إذ كان الرماة خمسين رجلاً عشرة منهم بقوا على الجبل، وأربعون نزلوا.
ففي الجيش كله أربعون نفراً يريدون الدنيا، ويمكن ألا يكون كل الأربعين كذلك، لكن وافق بعضهم بعضاً وتتابعوا يريدون الغنائم، وما دام في الجيش من يريد الدنيا فلن ينتصر الجيش، والمسلمون إنما ينهزمون في كل مكان؛ لأن فيهم من يريد الدنيا، وفيهم من يجاهد الآن وهدفه أن تكون الدولة له، أو على الأقل أن تكون هناك وزارة له ولحزبه.
ونحن لا نقول هذا لنثبط هممهم، لكن إذا كانت هذه هي الحقيقة فيجب أن نعرفها، وأن نتعاون على إزالتها، فما دام فينا من يريد الدنيا فلن ننتصر، فكيف إذا وقع ما هو أكبر من شرك الإرادة، وهو شرك العبادة؟! وهذا قد يقع، بل هو واقع في أنحاء العالم الإسلامي، وما أكثر ذلك! نسأل الله أن يهدي جميع المسلمين.
ولا بد أن نتفطن لهذا الشيء، ونعرف أهم الواجبات وأوجبها علينا جميعاً؛ بالنسبة لإخواننا المسلمين في كل مكان، وهو أن نخلص عبادتنا ونياتنا لله عز وجل في كل أمر من الأمور، وحينئذٍ ينصرنا الله عز وجل، وذلك عليه يسير.
إن الكفار ليسوا شيئاً بالنسبة لقوة الله عز وجل، بل لا يسلط الله عز وجل الكفار علينا إلا إذا كنا نستحق ذلك؛ كما قال سبحانه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:١٤١] والله تعالى لا يخلف الميعاد، فقد قال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء:١٢٢] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [النساء:٨٧] {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩].
فإذا غَلَبَنا الكفار بأي نوع من أنواع الغلبة، فلنتهم أنفسنا أولاً؛ فإنما سلط الله علينا عدونا بذنوبنا، فنفتش عنها ونتوب منها.
إذا كان الله عز وجل سلَّط الكفار على الصحابة؛ لأن نفراً يسيراً منهم يريدون الدنيا؛ فكيف لا يسلط الكفار على الأمة الإسلامية اليوم والدنيا أكبر همها؟! لا غرابة في الأمر، بل كما قال عز وجل: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة:١٥] وأنه لو يؤاخذنا بذنوبنا؛ لكان الحال أعظم مما نرى بكثير.
كل المسلمين يعرفون أن الزنا حرام، ومع ذلك ففي كثير من البلاد المسلمة يفشو الزنا، والبلد الوحيد الذي فيه هيئة أمر بمعروف هي السعودية، أما البلاد الأخرى فيوجد فيها مراقص وملاهي.
والخمر في بعض البلدان تُشرب علناً في الفنادق وفي الشوارع، بل ويوجد أكبر من ذلك، ثم نقول: لماذا لا ننتصر؟! سبحان الله! يا أخي: أنا ما انتصرت على قارورة أمنع نفسي عنها؛ فكيف ينصرني الله على العالمين؟! ذنب واحد يكفي لأن نهزم، فكيف وقد اجتمعت فينا مصائب وذنوب؟! الذنب الواحد منها لو وقع في أمة لأهلكها؟! وقد أهلك الله الأمم قبلنا بذنب من الذنوب، أهلك قوم لوط بذنب، وهذا الذنب انتشر -والله المستعان- في أكثر بلاد المسلمين!! ومن فضل الله على هذه الأمة أنه أكرم نبيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستجاب له بأنه لا يهلكهم بسنة عامة، وأنه لا يرسل عليهم عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلهم، أي: لا يهلكهم هلاكاً عاماً، ولا يمسخهم مسخاً عاماً، ولا يغرقهم غرقاً عاماً، بل يكون فيهم طائفة منصورة باقية على الحق، لا يضرها من خالفها.
وأهم ما يجب علينا -نحن طلبة العلم- أن نكون من هذه الطائفة المنصورة الذين يحققون هذا الدين قولاً وعملاً، ويجتهدون في تحقيق التوحيد في أنفسهم، ويدعون الناس إليه، ويجاهدون في الله حق جهاده، بجهاد العلم وبجهاد السيف، وهذه الطائفة المنصورة باقية، وهي التي يحفظ الله الأمة بسببها، وهذا ما أحببنا أن نتعرض له، ونسأل الله أن يغفر لنا وللمؤلف ولإخواننا المسلمين.