ويذكر ابن قدامة -رحمه الله تعالى- مثالاً آخر، وهو قصير لكنه عظيم جداً، قال وهيب بن الورد أحد العباد المشهورين المعروفين، بينما امرأة في الطواف ذات يوم وهي تقول: 'يا رب! ذهبت اللذات، وبقيت التبعات' والتبعة هي المسئولية، فتبعات اللذات مكتوبة، والإنسان يلقى الله يوم القيامة وقد انقضت اللذات ولكن بقيت عليه التبعات، قالت: 'يا رب ذهبت اللذات وبقيت التبعات، يا رب سبحانك وعزتك إنك أرحم الراحمين، يا رب مالك عقوبة إلا النار؟ '.
لأنها تذكرت أنه ليس بعد هذه الدار من دار إلا الجنة أو النار.
وكان معها امرأة أخرى صالحة تمشي معها قالت: 'يا أُخية! دخلت بيت ربك اليوم؟ -تقصد الكعبة- قالت: والله ما أرى هاتين القدمين أهلاً للطواف حول بيت ربي، فكيف أراهما أهلاً أطأ بهما بيت ربي وقد علمت حيث مشتا وأين مشتا' سبحان الله العظيم! تذكرت أن هاتين القدمين مشتا إلى فجور وإلى معاصٍ، والآن جاءها الندم، فكان تذكرها لتلك المعاصي والذنوب، أعظم دافع لتوفيق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لها أن تستقيم وأن تستشعر، وفي هذا الكتاب فوائد قيمة ولو علق عليه لاكتمل جماله.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب علينا وعليكم، وعلى جميع المسلمين، وأن يبصرنا ويفقهنا في الدين، إنه سميع مجيب.