[علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحقيقة الدين]
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما تعرف أهميته من معرفة حقيقة هذا الدين، ومعرفة حقيقة دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلى أي شيء دعا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فإذا عرفنا أن هذا الدين يقوم على أساس لا إله إلا الله، وأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وكل نبي قبله- إنما جاء ليدعو الناس إلى هذه الكلمة، وإنما جاهد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل تحقيق التوحيد الذي هو لا إله إلا الله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:٢٥].
فلا إله: هذا النفي نبذ للشرك ولكل ما يتبعه من المعاصي والمنكرات.
وإلا الله: هذا الإثبات تحقيق للتوحيد.
والتوحيد هو المعروف الأكبر، والشرك هو المنكر الأكبر، ثم بعد ذلك تكون البدعة هي المنكر الذي يلي الشرك ثم المعاصي المعروفة.
فإذا علمنا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش حياته كلها ومعه صحبه الكرام يدعون إلى توحيد الله، ويأمرون بالسنة، وينهون عن البدعة، ويأمرون بالطاعة وينهون عن المعصية، عرفنا أن حياتهم كلها إنما كانت أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وهكذا من سار بعدهم واقتفى منهجهم.