للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أصحاب الصف الواحد]

إن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين والمستغربين، وغيرهم من الملاحدة الذين اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة، والكذب عليهم والتحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه، فعندما جاءت الفتنة أو الأزمة -والتي يسمونها "أزمة الخليج "- تكلم من تكلم منا وأبرأ ذمته، ولا أدل على أن الأمر هو براءة للذمة من اختلافنا نحن الأربعة -الذين يقال عنا ما يقال- فكل واحد منا لو سمعته تجده قد أخذ الموضوع من منحى خاص، وصحيح أن الهدف والمؤدى واحد، ولكن لكل واحد وسيلته، ليس كما ذكر هؤلاء أنها اخطبوطات في الخفاء، أو كما اتهمونا بأننا يديرنا جهات خارجية.

إننا نعتبر أن هذا البلد بلد القيادة -لا نقول هذا فخراً، لكنها الحقيقة- فهنا المنبع، فكيف ندار من الخارج؟ قد يكون لنا إخوة في الله يشاركوننا من أهل السنة في بعض آرائنا ومواقفنا، وطبيعة أهل السنة أنهم أمة واحدة، وفرقة واحدة، في كل مكان، لكنا لا ندار أو نوجه من الخارج.

فهؤلاء الذين كتبوا وطعنوا كانوا يمدحون ويثنون عليّ بما أنا أعلم أنه كان فيه نوع مبالغة، وأقول لأحدهم: لا تبالغ بارك الله فيك، وهذا حادث ويشهد به المئات، إن لم أقل الألوف من الذين يحضرون مجالسهم، حتى جاءت هذه الأزمة، وكان لنا رأي فيه مخالفة أو معارضة للموقف الرسمي للدولة؛ إبراءً للذمة، فنحن في هذا البلد ليس لدينا معارضة سياسية أو معارضة حزبية، بل عندنا كلمة حق تقال، لا خير فينا إن لم نقلها، ولا خير فيهم إن لم يسمعوها، فإن أخذوا بها فالحمد لله، وإن لم يأخذوا بها برئت ذمتنا وهم حسيبهم الله تعالى، وقد يكون اجتهادهم هو الصواب.

ونحن نقول، وما زلنا نقول: إن هذا رأي ليس فيه وحي نزل من السماء، ونحن عندما قلنا هذا الكلام انقلبت هذه المحبة والمبالغة في المدح إلى عداوة مقيتة شديدة غريبة -سبحان الله- واشترك فيها الطائفتان، حتى تعرفوا من يعاون هؤلاء، فيأتي: غازي القصيبي في كتاب حتى لا تكون فتنة فيقول: وافتتح هذه الفتنة " سفر الحوالي بشريطه (ففروا إلى الله) ثم ثنى بفلان، وخص كل واحد من الإخوة الثلاثة برد خاص مستقل، ويوزع الكتاب بالكراتين.

وفي نفس الوقت تكيل الصحافة السب والشتم الصريح لـ حسن الترابي، وراشد الغنوشي، وعباس مدني، وعلي بلحاج وأشياعهم عندنا هنا، فمن يقصدون بأشياعهم هنا -إنهم معروفون- وأتباعهم في دول الخليج؟ ومع هذا السب والشتم سكتنا، واستمرت دروسي إلى أن أوقفت، ثم عادت، وتركنا موضوع الأزمة جانباً، وانصرفنا إلى قضايا علمية بحتة، وقامت الحرب، ولم نعلق على هذه الأحداث، وواصلنا كما كنا، وهذا فيه دليل على أنه لا غرض نريده إلا بيان الحق.

لكن العلمانيين غضبوا وقالوا: ما دام هؤلاء قد خالفوا الحكومة، فإنهم يريدون الكراسي والمناصب والحكم مثل حسن الترابي وراشد الغنوشي وعباس مدني، وفي هذا الوقت بالذات كُتب غازي القصيبي توزع، وكلام الجرائد يومياً إلا ما رحم الله منها، فلا نعني الجميع طبعاً، وتأتي الأشرطة وتوزع في وقت واحد.

إذاً أليس المصدر واحد؟ أليس العقل المدبر واحداً؟ وسوف ندع ما خفي جانباً، وإن كان عندنا حقائق لا نظهرها، ولكن نتكلم عن الظاهر الآن، وهو أنك أنت والعلماني الملحد والمستغرب قد وقفتم في صف واحد ضد أخيك هذا المسكين، الذي قال كلمة وانتهت، فتأكل عرضه، وتنهش لحمه، ليل نهار من أجل ماذا! ثم إن هذه الآراء اجتهادية وقد أوضحها الشيخ -رحمه الله- فهي مما يقبل النقاش، ولكن المسألة بدت رداً للسنة وإنكاراً لها، وأنهم أتباع فلان القبوري، وفلان الشركي، ثم إغواء الشباب أن هذا شيء لا ينصره العدل.

فإذا كان الذبح يحتاج إلى الإحسان: {وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة} ولو رأيت كائناً صغيراً أتطلق عليه الرشاش؟ لا.

بل كل بحسبه.

فالمسألة ولو كانت خطأ، فلا يكون الرد بهذه الصورة، لكن هؤلاء ما أحسنوا حتى القتلة والذبحة.