ويقول: 'ولكن اجتهاد السائل لا يبلغ مبلغ الفتنة والفرقة إلا مع البغي' أي إذا أصبح الأمر فتنة وفرقة وقعت بين الناس من طلاب العلم وغيرهم، فلا بد أن ذلك نتيجة بغي وعدوان وليس نتيجة اجتهاد.
يقول: 'فلا يكون فتنة وفرقة مع وجود الاجتهاد السائغ' فالاجتهاد السائغ لا يكون معه فتنة ولا فرقه، أي: إذا قلت قولاً وخالفك أخوك، فلا توجد هناك فتنة ولا فرقة، ولا يقع ذلك إلا إذا كان هناك بغي من أحد الطرفين على الآخر، واستدل على ذلك بقوله تعالى:{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ}[آل عمران:١٩].
يقول: 'وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين ' والكلام يخرج المنافقين، لأن المنافقين -والعياذ بالله- يقولون آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، لكننا نتكلم عن المؤمنين الذين يريدون الحق من هذه الأمة.
يقول: 'وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول -أي أصول الدين- في باب الصفات والقدر والإمامة وغير ذلك هو من هذا الباب، فيه المجتهد المصيب، وفيه المجتهد المخطئ، وقد يكون المخطئ باغياً، وفيه الباغي من غير اجتهاد، وفيه المقصر فيما أُمر به من الصبر' أي يوجد إنسان بغى من غير اجتهاد، وخالف الحق وظلم، ولا يزال من المؤمنين ولم يخرج من الملة، فخالف في أمر من أمور الاعتقاد العظيمة؛ لكن خالف من غير اجتهاد سائغ، وكان باغياً في ذلك.