للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرفض المشترك للسلام]

قد وردت تساؤلات غربية وعربية عن سر التقاء الأصوليين هنا وهناك على رفض مشروع السلام؟ والجواب -مع الاعتراض على هذه التسمية الماكرة بالنسبة للمسلمين- أن نقطة الالتقاء هي أن كُلاًّ مِنَّا يؤمن بوعد من الله وفق عقيدته فنحن نؤمن بوعد الله الحق وهم يؤمنون بوعد مفترى مكذوب على الله تعالى والوعدان لا يجتمعان أبداً.

والفرق أننا بحمد الله نستند في وعدنا إلى كلام الله وكلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحقائق الواقع، ولعلي هنا أشير إلى بعض بشائر هذا الوعد الحق، ثم أنتقل إلى إتمام الكلام عن هؤلاء.

نحن في كل ركعة من صلاتنا نقرأ الفاتحة ونقرأ فيها كلام الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:٦ - ٧].

فالمغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى، فالخلاصة أننا نقرأ في كل ركعة ما لازمه ومفهومه أن الوعد الذي يزعمه هؤلاء منسوخ وباطل ومفترى، وإنه إذا كان إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى وعداً فإن هذا الوعد هو وعد الله تعالى لهذه الأمة الموحدة.

وهي الأمة التي يباركها الله تعالى كثيراً ويكثر عددها، وتدخل في جميع الشعوب والقبائل كما ذكرت التوراة، وليست إلا أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنهم العرب من ذرية إسماعيل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد دخلوا في جميع الشعوب، فتجد العرب بين الهنود، والأفغان، والأوروبيين، والبربر، وفي الحبشة وفي كل مكان، وهذا هو الشعب الذي دخل في جميع الشعوب، وهذا هو الشعب الذي كثره الله وباركه وله أعطيت هذه الأرض كما في التوراة نفسها، وقد روى الإمام أحمد والترمذي وصححه، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم}.

ويدخل في ذلك كل الآيات والأحاديث المبشرة -وسنذكر بعضها وقد جمع طائفة منها فضيلة الشيخ الألباني في أول السلسلة الصحيحة بظهور الإسلام وتمكينه، أما اليهود فوعد الله تعالى فيهم واضح جلي , قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف:١٦٧].

هذا وعد الله لن يخلفه أبداً، والذين يوافقون على ما جاء في مدريد وغيره يقفون ضد ما جاء في هذه الآية، فوعد الله تبارك وتعالى ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب؛ هتلر جزء من هذا الوعد، ومنظمات التحرير جزء منه! الجهاد القائم -الآن- في الأرض المحتلة جزء منه! وسوف تنتهي هذه كلها بتدمير اليهود كما قال الله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ} [آل عمران:١١٢].

إن الذلة والمسكنة مضروبة عليهم إلا في حالات عارضة بحبل من الله وحبل من الناس، وهي حالات استثنائية يعطون فيها، فإذا أعطوا وتمكنوا ترجع سنة الله قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء:٧ - ٨].

فإن عدتم عدنا: أي: في أي مرحلة يعودون سيعود عقاب الله تعالى؛ ولهذا بشر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح فقال: {لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله}.

وهذا والله هو الذي سيقع ويكون؛ لأن الذي أخبر به هو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليس هذا فقط بل نحن نؤمن بأن المسيح عليه السلام سينزل بإذن الله تعالى كما أخبر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديث متواترة، وإذا نزل المسيح عليه السلام فإنه يقتل اليهود والنصارى، وأول من يقتله المسيح عليه السلام هو ملك اليهود المسيح الدجال، في باب اللد في أرض فلسطين -كما في الحديث الصحيح-.

ثم بعد ذلك لا يرضى ولا يقبل عيسى عليه السلام إلا الإسلام أو القتل، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرفع الجزية}.

ولن يبقى أمام النصارى إلا أن يسلموا أو يقتلوا بسيف ويد المسيح عيسى -عليه السلام- ومن معه من المسلمين، وكل الأحاديث الواردة في عيسى عليه السلام تكذب ما يقولونه في مدريد وفي غير مدريد، وكذلك كل الأحاديث الواردة في خروج المهدي آخر الزمان تكذب ذلك لأن المسلمين هم الذين يقاتلون أعداءهم تحت قيادة المهدي، ثم ينزل عيسى عليه السلام فيكمل المعركة كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وإمامكم منكم}.

فيصلي عيسى عليه السلام خلف المهدي إعلاماً وإيذاناً بأن عيسى عليه السلام ما جاء بشرع جديد؛ وإنما هو تابع لشريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولهذا يصلي خلف المهدي ويقاتل مع المسلمين.