في قصة يونس عليه السلام لما دعى الله تعالى بدعاء عظيم، وهو في ظلمات البحر وفي بطن الحوت، دعا الله ونادى في الظلمات {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:٨٧].
وهذا من أعظم أنواع الدعاء، لاشتماله أولاً: على توحيد الله (لا إله إلا أنت) وهو أعظم وسيلة إلى الله تعالى، وأعظم طاعة وأعظم وقربة.
ثم ثنى بالتنزيه (سبحانك) تنزيه الله عما لا يليق به عز وجل، فكل ما يفعل، وكل ما يقدر فله فيه الحكمة البالغة، فهو منزه عما لا يليق بجلاله وكماله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعظيم شأنه.
ثم ثلث ببيان عجزه وضعفه وفقره وظلمه لنفسه، وهكذا كل عبد بالنسبة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ينبغي له أن يكون كذلك {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:٨٧].