وبعد آيات الحكم والتشريع مباشرة تأتي آيات الولاية، والسورة مترابطة محكمة، فبعد الإنكار على القوانين الوضعية، يأتي النهي عن الولاية والموالاة للكافرين، فيقول الله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}[المائدة:٥١ - ٥٢] فيحذِّر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من ولاية اليهود والنصارى لأنهم أعداء، ويبين الله تبارك وتعالى حقيقة هذه العداوة، فيقول:{لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة:٥١] فهم متعاونون في القديم والحديث وفي كل زمان ومكان.
مثلاً أثيوبيا فيها أربعون مليون مسلم لم يتألم أحد لما يجري لهم، وفيها أربعة عشر ألف يهودي يتدخل الرئيس بوش لإيقاف الثوار عن دخول أديس أبابا، حتى تتم عملية موسى، وهي عملية نقل اليهود من أديس أبابا إلى إسرائيل، والعالم الحر الذين يحملون راية الديمقراطية والحرية، ومشعل الحرية في نيويورك الذي يفتخرون به لا يهمه أربعين مليوناً يسحقون من أيام هيلاسيلاسي، ثم أيام الحكم الشيوعي البائد، ثم -الآن- الجبهات الاشتراكية النصرانية الخبيثة، فكلها تسحق الأكثرية المسلمة، وتدمرها وتقتلها جوعاً، فلننظر ماذا قدموا لليهود وماذا قدموا للمسلمين؟ أولاً: أيام الإغاثة اهتموا بإغاثة الأجزاء الصليبية -فقط- من الحبشة، فالطائرات تنزل المعونات الغذائية في المناطق النصرانية، والقرى المسلمة تموت من الجوع، فلما جاءت واحتاجت إسرائيل للفلاشا وعملية موسى أيام الهالك النميري، والذي خطط لها وأشرف عليها بوش حين كان رئيس الاستخبارات، وهو الذي خطط لعملية موسى فرحَّلوا الدفعة الأولى ثم رحَّلوا الدفعة الثانية، فتدخل رئيس أكبر دولة في العالم، حاملة لواء الحرية، وشرطي العالم الكبير تدخل لتأخير الثوار حتى لا يدخلوا العاصمة من أجل أن يرحل (١٤) ألف يهودي، والطائرات تأتي من إسرائيل وتنقلهم جميعاً، وبعد ذلك لا يبالون عن الذي مات أو عاش، والجبهة المسلحة التي تقتحم البلد جبهة نصرانية، والضحايا سيكونون من المسلمين، ولا إشكال في ذلك، فبعضهم أولياء بعض، فهل نصدق دعاوى حقوق الإنسان والعدالة والمساواة والنظام الدولي الجديد ونحوه، أو نصدق الله؛ ثم نصدق الواقع الذي ينطق كل لحظة؟ ولا يمكن أن يخالف ما ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:٥١] فلا زجر ولا عقوبة أكثر من هذا.