يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: 'الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندةً للشرع، ومكابرةً لأحكامه، ومشاقةً لله ولرسوله، ومضاهاةً بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً، وتأصيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً، ومراجع ومستندات.
فكما أنَّ للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلهذه المحاكم مراجع، هي: القانون المُلفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك'.
هذا النوع الخامس هو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه؛ لأن الأنواع الأولى قد تفعل فردياً أو على سبيل الاعتقاد، لكن هذا النوع أعظم وأشد ضرراً وخطراً لأنه عام للأمة، وهو أن يأتي أحد فيفتح المحاكم غير الشرعية ويقيمها في البلاد طولاً وعرضاً، ويجعل لها أنواعاً وتفريعات ومراجع ومستندات إلى آخر ما ذكر الشيخ رحمه الله، ويلزم الناس بالتحاكم إليها والرجوع إليها عند التنازع وألاَّ يرجعوا إلى سواها.
فهذا أكبر وأعظم وأشد، في جحد ما أنزل الله تبارك وتعالى وإنكاره وعدم الإقرار به، وإن قالوا بألسنتهم: إنا نقربه؛ لأن الواقع يخالف ذلك تماماً، وفي ذلك -كما ذكر الشيخ- معاندة للشرع حيث يفرض حكم غير حكم الله تبارك وتعالى على الناس، وفيه مكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يتخذ غير ما أنزل شرعاً، وأن يتخذ سبيل غير سبيل المؤمنين، ومضاهاةً للمحاكم الشرعية، وهذه من علامات أنه كفر أكبر، فإن من دلائل ذلك أن في هذه المحاكم وفي بنائها وفتحها وتفريعها مضاهاة للمحاكم الشرعية.