أولاً: أعتذر عن تأخير الجواب عن موضوع الدستور في اليمن، فقد اطلعت على الكتاب والحمد لله وأقول: فضلٌ ونعمةٌ من الله أن يوجد في هذا البلد -المسلم العريق الشقيق- مثل هؤلاء العلماء الذين تكلموا ووقفوا في وجه الدستور الكافر، ولم ولن يقروه بإذن الله، فقد قرأتم وسمعتم الشريط ورأيتم صراحتهم في قول الحق، وكذلك فإني قد تتبعت المواد التي انتقدوها على الدستور، ووجدت أن نقدهم كان صائباً وصحيحاً، وإنني أحمد الله أن لدينا -من هذه الأمة- من عنده هذه الدرجة من الوعي.
والذي عكر عليّ في الحقيقة لما قرأت الكتاب وجدت أن المنافقين موجودون في كل مكان، وفي هذا الموقف، ولهذا كنت أريد من الإخوة عندما طبعوا الكتاب أن يحذفوا كلامهم منه، حتى ولو كان تعليقاً فقهياً فالذي يقول: إن ما قاله الأخ الرئيس كله الحق، وكله الصواب، وفيه الشفاء، وفيه الخير ثم يسكت، فهذا ما قال شيئاً، وهذا معدود في العلماء! فقلت: لا بد من شطب هذا الكلام من أصله، بدلاً من أن يذكر ثم يعلق عليه.
ولكني أظن أن الإخوة الكرام أرادوا الأمانة العلمية وهي طبيعة المؤمن دائماً، فقالوا: إن الأمانة أن ننقل الموضوع كاملاً، ثم نعلق على أولئك، لكن الحمد لله فقد عوض الله عنهم بمن هم خيرٌ منهم وأكثر بأضعاف مضاعفه من العلماء الذين قالوا: لا يمكن أن نوافق على دستور مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك الوحدة إن كانت على الكتاب والسنة فنحن الذين نرحب بها وندعو إليها، وإن كانت الوحدة على هذا الدستور الوضعي الذي وضعته أيادي الاشتراكية في الجنوب، فلا، فرفضوه، وكتاباتهم وتوقيعاتهم وآراؤهم تشكر لهم، ونسأل الله أن يثيبهم وأن يجعلها في ميزان حسناتهم، وأعتذر مرة أخرى عن تأخير الجواب.