[ما قدر الله حق قدره من هان عليه أمره]
قال: (وكذلك لم يقدر الله تعالى حق قدره من هان عليه أمره فعصاه).
كأن الشيخ ابن القيم رجع إلى موضوع الكتاب الأساس (المعاصي والعشق) لكن هو يأتي بالأشياء المهمة الأساسية ثم يأتي بهذه.
تقول: اتق الله يا أخي، هذا حرام! فيقول: هذا.
بسيط لا يضر تقول: يا أخي! اتق الله وصل! افعل كذا! يقول: ليس هناك مشكلة.
هان عليه أمره، هل قدره حق قدره؟ لم يقدره.
إذاً: ضيع حق الله وأهمل ذكره، غفل قلبه عن ذكر الله، آثر هواه وشهواته ورغباته، وأعرض عن طلب رضا الله، وأطاع المخلوقين وجعل طاعتهم عنده أهم من طاعة الله، يعني: جعل لله الفضل من قلبه وعلمه وقوله وعمله وماله.
إذاً القضية ليست أننا عصينا أو غفلنا، وإنما المشكلة من فعل ذلك وكلنا كذلك نسأل الله أن يرحمنا برحمته ما قدرنا الله حق قدره، لماذا؟ لأن له الفضلة من قلوبنا، والهم والتفكير في الدنيا، على السيارات والعمارات والزوجات والأبناء والوظائف.
قد يبتعث شخص خمس عشرة سنة للعلم ليس لله منها كلمة واحدة.
وكذلك يوجد أناس كل يوم يكتبون قصائد، مجلدات من الشعر ليس لله منها شيء، ومجالس وسهرات، يبدأ في الحكاية ويضحك الناس ويحكي لهم طوال الليل كل يوم، وليس لله شيء من هذا القول، يتكلم ويذهب ليس لله شيء، نسأل الله العفو والعافية.
وعمله كدح ليل نهار كم لله من هذا الكدح؟ لا شيء، يغضب لكن ليس لله، يرضى لكن ليس لله ينتقم لا لله؟ يثور لنفسه وشهواته، ماذا جعل لله؟! وماله: شهوة تمشية نزهة رحلة خرجة إلى آخره، خذ ما شئت من المال، لكن أعط عشرة ريالات لله، وإن أعطى لله فإنما هو الفضلة، مثلاً: لو نجح واحد من أولاده لأعطاه هدية، لو كان لاعب كرة من أولاده وأتى بهدف يعطيه سيارة أو مليوناً أو أي شيء، ولو واحد من أولاده حفظ جزءاً من القرآن أعطاه عشرة ريالات أو خمسين ريالاً.
إذاً: هل أنت تحسن الظن به؟! يقول: والله عندنا الرجاء نحن أمة محمد والله نحن نحسن الظن بالله يا شيخ ما أحسنت الظن به، من هذا حاله والله ما أحسن الظن بالله، ولا أحسن الرجاء، لو أحسن الظن لأحسن العمل، لو أحسنت الظن به لعظمت أمره ونهيه، ووقفت عند حدوده، وسعيت إلى مرضاته بكل طريقة، وكنت مع أوليائه، إن لم تجاهد أعداءه فكن محباً لأوليائه بقلبك.
يا إخوة! أناس يتفكهون في المجالس بالدعاة بالهيئة بالمقاومة سبحان الله! تحاربون أولياء الله الذي رزقكم وأعطاكم المال والمناصب والخير، فإن لم تكونوا مع أوليائه فلا تقفوا مع أعدائه، لكن الشيطان أعماهم وأصمهم، فهذا موقفهم من الله سبحانه وتعالى.
فلما كان الشرك أكبر شيء منافاة للأمر الذي خلق الله له الخلق، وأمر لأجله بالأمر الديني كان من أكبر الكبائر عند الله، وكذلك الكبر وتوابعه كما سبق، فإن الله سبحانه خلق الخلق، وأنزل الكتاب؛ لتكون العبادة والطاعة له وحده، والشرك والكبر ينافيان ذلك، ولذلك حرم الله الجنة على أهل الشرك والكبر، يقول الله تعالى في القرآن: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:٧٢] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) لهذا كان أعظم وأكبر الذنوب.