من المهم في التربية أن نربي أنفسنا وأبناءنا على العبادة بمفهومها الصحيح، فبعض الناس لا يفهم من الإسلام إلا بأنه عدو للدنيا يحارب الرفاهية والمال والزوجة، يُحارب كذا وكذا إلخ.
وهذه ليست العبادة الصحيحة، ومن هذا الباب يأتي الإنسان الضال فيقول: الأفضل أن أعيش متنعماً ومترفهاً، وأجمع المال وأعمل وأعمل إلخ.
فلا نكون مثل هذا الإنسان.
وبعض الناس لا يفهم أيضاً من الدين إلا أن الدين يسر، وكلما كلمته في شيء، قال لك: الدين يسر.
وإذا سألته: ما حكم هذا الشيء؟ يقول: ليس فيه شيء، فالدين يسر.
الاختلاط؟ الدين يسر.
الربا؟ الدين يسر.
أكل مال اليتيم؟ الدين يسر لا تتشدد ولا تفعل إلخ.
فهذا يبيح كل شيء، وهذا يحرم ما أحل الله، فتكون حيرة المجتمع وحيرة الناس من هذا ومن ذاك، وهذا يرد على هذا، فهذا يقول له: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاش عيشة الزهد والتقشف والتواضع وكذا وكذا وذاك يرد عليه إن الله تعالى يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف:٣٢] وأنه ما يشادّ الدين أحد إلا غلبه فهذا عنده أدلة وهذا عنده أدلة، فهذا أخذ بجزء من الحق وهذا أخذ بجزء من الحق وأما العبادة الصحيحة لله عز وجل، والتربية الصحيحة فهي أننا نأخذ الحق كله، كما قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}[البقرة:٢٠٨] أي: ادخلوا في الإسلام كله، فهو يضمن لك الحياة الصحيحة في الدنيا، ويحثك على العمل، وينهاك عن الاغترار بالدنيا، فيبيح لك الطيبات؛ لكنه ينهاك عن الانغماس فيها ونسيان الآخرة، فهو توازن في جميع الأمور.
فالعبودية لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تكون: بأن تكون كل أمورنا في الحياة على وفق الإسلام؛ فلا يغلو طرف على الطرف الآخر؛ وبذلك تكون حياتنا صحيحة، وعبادتنا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صحيحة، وجميع حياتنا عبادة لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ حتى اللقمة يرفعها الرجل إلى فيِّ امرأته له فيها أجر، حتى وهو يأتي أهله ففي بضع أحدكم صدقة، حتى وهو يفكر ويعمل في أمور تنفع المسلمين ولمصلحتهم فله في ذلك أجر وهكذا.
فلا نحارب الدنيا لمجرد أنها دنيا، ولا نحارب أيضاً التزهد والترفع عن متاع الدنيا وزخارفها؛ لمجرد أن ديننا دين يسر وأنه يحل الطيبات ويحرم المحرمات.