الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزى الله خيراً القائمين على التوعية الإسلامية في هذا البلد الحرام، وجزى الله خيراً كل من أسهم في نشر الخير ونصح الأمة وبيان الحق لها، ممن لم يتركوا لنا مجالاً للحديث في هذه القضية التي نحن -ولله الحمد- في غاية الفهم وغاية العلم بها، وهي في غاية الوضوح لدينا.
إن الرسالة التي كنت أريد أن أوجهها إلى الفتاة المسلمة دارت في ذاكرتي بشأنها أمور عدة: قلت: إلى من أوجهها؟ هل أوجهها إلى الفتاة المسلمة في مصر، البلد الذي كان أول من عانى من التغريب ومن خدعة ولعبة ما يسمى بتحرير المرأة وقضية المرأة، وإذا بي أنظر؛ فإذا بالفتاة المسلمة في مصر قد انتفضت على هؤلاء المجرمين، وعرفت مكرهم وغشهم وخداعهم، وإذا بالحجاب الشرعي الكامل يطرق جامعة مصر، ويطرق جامعة القاهرة التي أنشأها وأسسها دعاة التغريب الأولون لتكون جامعة علمانية، لا أثر فيها للدين، وإذا بالفتاة المسلمة هنالك تتحمل ألوان الأذى وأصناف التعذيب من أجل حجابها، ولكنها متمسكة به، ولا عبرة بالكثرة الغافلة؛ فالمهم أن العجلة قد دارت وأن الزمان قد استدار، وأن الحق قد ظهر وبان، وأن العاقبة للتقوى.
قلت: فليكن الخطاب إذاً إلى الفتاة المسلمة في بلاد المغرب التي احتلها الفرنسيون، وفرضوا عليها حضارتهم وعاداتهم وتقاليدهم ودياثتهم وإباحيتهم، فنظرت وإذا بالفتاة المسلمة في الجزائر قد أعلنتها صريحةً على الملأ منذ ما يقارب السنة تقريباً، حين أخرج الشيوعيون في مظاهرة تعدادها قرابة الثلاثة الآلاف، فرد عليهم الإسلاميون -وليس كل الإسلاميين، بل البعض الذين كانوا مقتنعين بالرد وبأن يكون الرد مظاهرة- وخرجت في الجزائر مظاهرة تعدادها على أعدل الأقوال، خمسمائة ألف امرأة، رداً على أولئك الثلاثة الآلاف.
وفزع الغرب فزعاً شديداً، وذهلوا ذهولاً عظيماً، -ولا سيما فرنسا - حتى صاح ميتران بملء فيه: 'إذا تولى الأصوليون الحكم في الجزائر، فسوف أتدخل عسكرياً كما تدخل بوش في بنما ' وقلت: لم لا يكون الخطاب والرسالة إلى الفتاة المسلمة في تركيا، البلد الذي كانت فيه أوضح وأعظم دعوة للانحلال من هذا الدين بقيادة اليهودي المجرم اللعين كمال أتاتورك، فقرأنا وسمعنا أن الفتاة المسلمة في تركيا قد عادت إلى إيمانها ودينها، وحجابها، رغم الكيد والأذى والتعذيب، وإذا بالعجلة قد دارت، وإذا بالمسيرة قد بدأت، فقلنا الحمد لله الذي رد كيد الخائنين، الذي لا يصلح عمل المفسدين، والذي جعل العاقبة للمتقين.
قلت إذاً: لما لا نوجه الرسالة إلى الفتاة المسلمة في أفغانستان أو الباكستان أو الهند، فوجدنا أن المرأة المسلمة هنالك هي السند بعد الله تبارك وتعالى لأولئك المجاهدين جهاداً باليد أو بالدعوة والقلم، وإذا بالمرأة المسلمة هنالك -والحمد لله- تدافع عن دينها وتعيش إيمانها وتسعى وتحرص كل الحرص أن تكون كما يريد الله، وكما كان المجتمع الإسلامي من قبل، فالدعوة هنالك قد قامت؛ والمسيرة -أيضاً- قد بدأت، ولا التفات إلى الوراء، ومنذ أن ذهبت الرافضية من الحكم، فلا عودة أبداً إلى هذه القضية، بل وئدت مسألة تحرير المرأة مع وأد تلك الخبيثة الفاجرة التي ما تولت الحكم إلا بنسج من أيدي أمريكا ومن معها.
إذاً من بقي؟ هل أوجه الرسالة إلى الفتاة المسلمة في بلاد الشام، التي لم يُنزع حجابها إلا قهراً؟