للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أخطاء الشباب في انتقاد العلماء]

السؤال

ما رأيك في بعض الشباب الذين إذا رأوا خطأً واحداً من أحد العلماء فإنهم يتركون جميع مؤلفاته وجميع ما قدم وجميع آرائه؟

الجواب

علماء الأمة هم خيرتها وصفوتها، ومن فضل الله تبارك وتعالى أنه لا يزال في كل زمان وفي كل عصر من يرفع راية الجهاد وراية الحق ويقول الحق، وتجد من يسير وفق القواعد الصحيحة من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنهج السلف الصالح، وهؤلاء هم منارات الهدى للأمة، وإن من حبنا لديننا، واحترامنا وتقديرنا له أن نحب ونحترم ونقدر علماءنا، وأظن أن هذه قضية أساسية والتفريط فيها لا يجوز بأي حال من الأحوال.

أما مسألة أن البعض إذا رأى عالماً قد أخطأ في مسألة فإنه يترك الكل، فهذا حيف وجور، وظلم وعدوان، وإن من الوصايا العشر التي أوصى الله تبارك وتعالى بها في كل كتاب وجاء بها كل رسول قوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [الأنعام:١٥٢] فبعض الناس لأنه يعلم أن شيخاً أخطأ في مسألة يقول عنه: ليس عنده علم، أو ليس فيه خير، أو كذا، فسبحان الله!! هذا ليس من العلم، وأيضاً يقول تعالى {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الشعراء:١٨٣] وبهذه المناسبة في أحد أعداد مجلة البيان -وتعرفونها جميعاً- كتب أحد الإخوة عند هذه الآية جزاه الله خيراً، وأنا أنصحكم بقراءتها.

ونحن لا نبخس الكافر شيئاً، فلو جاء إنسان وقال لك: إن أمريكا متأخرة، وليس عندها شيء، ومطاراتها وطرقها غير جيدة، فهل تقول له: هذا صحيح ما داموا كفاراً؟ بل نقول: هذا كلام خاطئ، فلا نبخس الناس ما عندهم ولو كانوا كفاراً أو مبتدعين أو غير ذلك، فكل إنسان يجب أن يأخذ حقه، كافراً أو مسلماً ولا نبخسه حقه أياً كان؛ بل نعدل في القول ونكون كما أمر ربنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة:٨] وفي الآية الأخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء:١٣٥] وهكذا يجب أن يكون الشباب المسلم بإذن الله.

وننبه إلى مسألة أن العلماء ليسوا معصومين مبرئين من العيوب.

وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه

فقد يقال عن العالم الفلاني أنه مقصر في جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذاً نترك علمه وفضله؟ فنقول: سبحان الله!! لم لا يقال عنه جزاه الله خيراً، فقد بحث وحقق ومحص حتى يقول لنا حكم الله في كثير من المسائل.

ولا يعني ذلك أننا نقتدي به إذا كان مقصراً فنقصر مثله، ولكن نأخذ منه العلم ونجبر التقصير؛ فكلنا أمة واحدة نسعى إلى الخير والتكامل، حتى لو استطعنا أو كان منا من يستطيع وبأسلوب وأدب جم أن يقول للشيخ: يا شيخ! لو تنكر ولو تتكلم ولو تفعل، فهذا أيضاً من الخير، ولا ندعي العصمة لأحد؛ بل ننصح لأئمة المسلمين وعامتهم، وهؤلاء من الأئمة، وأئمة العلم كأئمة الحكم ينصح لهم، فننصح لهم من جهة، ولا نقول: لا يليق بنا أن نفعل ذلك فهم علماء، فكيف نرد عليهم؟! ومن جهة أخرى لا يعني ذلك أن نترك ما عندهم من خير أبداً، فكما أن من يدعو إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ينكر المنكر، فلا يعني ذلك أن يكون عالماً أيضاً، فالإنسان قد لا يُلم بالمواهب المتعددة، فبعض الناس برز خطيباً وأعطاه الله تبارك وتعالى موهبة الخطابة، فإذا زعمنا أنه عالم وعارضنا فتوى العالم بقول الخطيب فيها برأيه فهذا خطأ؛ لأن هذا خطيب وهذا عالم، وكل إنسان له مجاله، وكل إنسان له طاقته، والمقصود أننا لا نبخس الناس أشياءهم.