عندما سئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث} وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}[هود:١١٧] فهل الذي ينجي الأمة هو أن يكونوا من المصلحين الصالحين؟ وما هو الدور الذي يجب أن يقوم به المسلم تجاه نفسه ليكون من الصالحين، وتجاه الأمة ليكون من المصلحين؟
الجواب
هذا سؤال عظيم، وما ذكره الأخ السائل هو حق، فما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:{نعم إذا كثر الخبث} وكان ذلك لما سألته أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، {أيهلكنا الله وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث}.
فالمانع والحائل من نزول العذاب هو الإصلاح لا مجرد الصلاح، فيجب أن يكون الإنسان صالحاً في نفسه مصلحاً لغيره، واعلموا أنه إن لم يكن مصلحاً، فإنه لا يكون صالحاً؛ لأن حقيقة الصلاح وتمامه إنما تكون بالإصلاح؛ ولذلك فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو قدوة المصلحين وإمامهم صلوات الله وسلامه عليه، وهكذا كان أصحابه من بعده يدعون إلى الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
ولقد اختل مفهوم الصلاح والفساد، في هذا الزمان عند الناس مفهوم الصلاح والفساد، وهذا وحده يحتاج إلى لقاء خاص؛ لأن كثيراً من الناس لا يمنعه من قبول الصلاح إلا الالتباس في هل هذا صلاح أم فساد؟ ولهذا بعض الناس إذا وعظته أو أعطيته أي شيء ترى أنه خير له، وتقسم له أن هذا من صلاحه إلا أنه لا يدري أهذا صلاح أم فساد؟! فالأمور تلتبس على الناس، فمن أين نأخذ المعيار والميزان الذي نعرف ونعلم به الصلاح من الفساد، ونعرف المصلح من المفسد؟ من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الله وأما لو أخذناه من معيار ثانٍ فماذا نجد؟ ماذا قال فرعون عن موسى عليه السلام؟ ذكر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قوله:{إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:٢٦] فكيف يصبح فرعون هو الناصح الأمين المشفق الخير، وموسى داعية الفساد؟! ولو أخذنا معايير الصلاح والفساد من الأبواق الإعلامية، أو من أفواه المنافقين والمفسدين ومن المرجفين أو من الصحافة الغربية ومن الإذاعات العالمية؛ فسنجدها نوعاً آخر تماماً والله المستعان! فالمتطرف عندهم والإرهابي هو المصلح الصالح، والمعتدل والمثقف هو من يحبون من أهل الفساد، نسأل الله أن يعافينا وإياكم.