الأمة تجتمع عندنا خمس مرات في اليوم، دع الذي لا يصلي، وانظر إلى الذين يجتمعون عندك في اليوم خمس مرات ماذا قدمت لهم؟ هل دعوتهم إلى الله ليكون لك مثل أجورهم دون أن ينقص ذلك من أجرك شيئاً؟ ولا أزال أتذكر كلمة ذلك المجرم الأثيم لينين، الزعيم الشيوعي المعروف، عندما اقتحمت جحافل الثورة الشيوعية المدن والدول الإسلامية التي تزيد مساحتها على مساحة الدول العربية مجتمعة، تركستان، وبلاد ما وراء النهر، اجتاحها أولئك الشيوعيين، واجتاحوا الدول التي تدين بـ النصرانية، فأذعنت وسلمت، ودول تدين بأديان أخرى من المشركين فأذعنت وسلمت.
لكن المسلمين قاموا وجاهدوا أكثر من ثلاثين سنة، لا أحد يدري عنهم، فكثير من مشاكل المسلمين لا يدرى عنها؛ لأن الأمة في لهوها ولعبها وغفلتها، فقال لينين: لم هذه المقاومة؟ وما السر؟ قالوا: إن المسلمين يجتمعون، قال: فرقوهم، فشحن أعداداً هائلة إلى سيبيريا، وإلى المصانع في الشمال، فما نفع ذلك، فسائل المجرم عن السر في ذلك؟ فقالوا له: هؤلاء يجتمعون في اليوم الواحد خمس مرات، وفي كل حي يجتمعون في الأسبوع مرة، ولا يكاد يغيب منهم أحد، وهذا من دينهم، فعجب هذا المجرم والطاغوت، وقال: لو اجتمع الناس عندي خمس مرات في اليوم لجعلت العالم كله شيوعياً! خمس مرات يأتيك الناس، أنا لا أطلب منك أن تلقي خمسة مواعظ بعد كل صلاة! لكن تسلم على هذا، وتكلم هذا، وتنصح هذا، تعظهم جميعاً، وأحياناً تكلمهم جميعاً، وتنشئ علاقات صداقة ومحبة معهم، لتقربهم إلى الخير، لترى ما عندهم، هذه هي التي من أجلها بنيت المساجد، وشرعت الجماعة، وعبادة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأداء الصلاة أمر عظيم، لكن لا نفوت الحكم والمصالح، فكلها متداخلة متشابكة، فنجد منافع عظيمة في الصلاة، والحج، والزكاة، والصيام، كلها فيها المنافع، وهي لا تنفصل، وهي لمصلحتنا، وإلا فالله تعالى غني عنا، فمن الخير لنا أن نسجد لربنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لتطمئن قلوبنا بذكره، ولننسى هذه القسوة والغفلة التي يكابدها الناس الذين شغلوا بالحياة الدنيا، ثم يذكر بعضنا بعضاً ليكسب الأجر.
إذا قام في ذهن الشاب المسلم هذا الإحساس بضرورة الاستفادة من العمر، واستغلال الوقت للأجر، ولما يقربه من الله، ولزيادة الحسنات، تجده شعلة من الحركة، والدعوة إلى الله.
كان بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذا أثقلته العبادة، أو القراءة، أو الجلوس مع أهله وزوجاته، يخرج إلى السوق، ليجد شيئاً يكسب به الأجر، فيخرج يسلم على الناس، فإذا رأى منكراً أنكره، وإن لم ير المنكر، فيلقي عليهم السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والآخر يرد عليه، فيكون كسب: ثلاثين حسنة، ومن غيره ثلاثين وهكذا، فلا يرجع إلى البيت إلا وقد كسب هذه الحسنات العظيمة، وكان فيها نوع من الصلة لإخوانه المسلمين، والتعرف على أحوالهم، وكان فيها نوع من إنكار المنكر، فلو لم يكلم الناس فإنهم إذا رأوا مثل هذا الإنسان، يستحيون أن يظهروا المنكر أمامه.
أمَّا نحن فقد غفلنا عن مدارسنا، وأسواقنا، وغفلنا عن مقاهينا، وغفلنا عن قبائلنا، وربما عن أسرنا، وربما يكون فينا من يغفل حتى عن نفسه.
إذن ما فائدتنا؟ وما قيمتنا في هذه الحياة؟ هل للشباب وللجامعات من قيمة إلا بقيمة العلم والدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟!