للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دور المسلم في البلاد التي لا يطبق فيها شرع الله]

السؤال

ما واجبي الحقيقي نحو مجتمعنا المسلم الذي تصيبه الأوبئة الجماعية والأمراض، وهل هي ابتلاء أم حياة ضنك تصيب مجتمعنا، وما دوري كإنسان عادي خاصة إن لم يطبق الشرع الإسلامي في هذا المجتمع؟

الجواب

كأن الأخ يتحدث وكأني أشعر أنه من إحدى البلاد الإسلامية التي نكبت به الأوبئة والأمراض والحياة الضنك، وعدم تطبيق شرع الله سبحانه، نسأل الله سبحانه أن يرفع عنا البلاء، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة.

واجبك يا أخي أن تكون كراكب السفينة إذا استطاع أن ينصح لها ولربانها وركابها فليفعل، فإن لم يكن ذلك فليستقل بنفسه ولو على خشبة، ولينج هو وأهله ومن يستطيع؛ إما داخل المجتمع الذي هو فيه، أو يهاجر إلى خارجه، إلى أي مجتمع آخر من مجتمعات الخير.

أما المجتمعات التي يُحارَبُ فيها الإسلام علانية بقوة الحديد والنار، كما في الجزائر وتونس وليبيا ومصر وسوريا والعراق وغيرها فلا.

وهذه المجتمعات نفسها فيها الخير الكثير والحمد لله، فيها قبول، واستجابة، وكأنني أتأمل وأرى هؤلاء الظالمين والمجرمين والعلمانيين والاشتراكيين، الذين يُمسكون بأزمّة الأمور في هذه البلاد، أو عملاء اليهود والنصارى وإن لم يكن لهم راية ولا مذهب، وهم يتحسرون على ما قبل عشرين سنة مضت حينما كان في إمكانهم أن يبطشوا، وأن يفعلوا ما شاءوا وهم في أمن.

أما الآن فالحمد لله، وأنا أبشركم بهذا وأنا مطمئن (العملاق قد خرج من القمقم) كما يقولون، ولم يعد بإمكانه أن يرجع إليه.

العملاق الإسلامي بدأ يفيق وينتشر ويستيقظ وتقوى عضلاته يوماً بعد يوم.

الآن يستحيل أن تحشر الأمة بالحديد والنار، لكي ينصرفوا عن دين الله وعن تطبيق شرع الله!! فليفعلوا ما شاءوا، في مصر أو الجزائر أو تونس أو أي مكان، فنهايتهم خسارة، وكانوا كلما حدثت أشياء في مصر يقولون: سنة الحسم مع الجماعات الأصولية، ويحسمه الله ويذهب ويأتي غيره، والإسلام باقٍ والحمد لله؛ لأنه ليس قضية جماعات كما يقولون.

ولكن يجب أن نصبر كما قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:٣٥] وكما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:٤٥]، وكما قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود:٤٩] (وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) [طه:١٣٢]، العاقبة لنا بإذن الله، يستحيل أن يُقَاوَمَ هذا الدين.

في جمهوريات الاتحاد السوفيتي -كما يُسمى- ظنوا أنهم طمسوا هذا الدين ومحوه، ومع ذلك يأتون إلينا يحفظون كلام الله، ويتكلمون العربية الفصحى، ويطلبون منا كُتباً ما كنا نظن أنهم يعرفونها!! من يستطيع أن يحارب الله؟! ولكن كما قال تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} [الملك:٢٠] يظن الكافر أنه قد يقضي على كل شيء فيحدد موعداً معيناً، ويعقد المؤتمرات.

يقول من خلالها: هدف المؤتمر أو هدف الزيارة القضاء على الإرهاب، أو القضاء على الأصولية! غرور فقط!! وفي النهاية يذهب ويذهب سيده، ويذهب مؤتمره والحق باقٍ، والحمد لله.

فاطمأنوا فنحن لا نخاف -والحمد لله- بعد اليوم على هذا الدين، إنما نخاف على أنفسنا من ذنوبنا، من أخطاء الدعاة، ومن عيوبهم، وعدم صبرهم، وعدم تمسكهم بالحق، وتناصحهم فيما بينهم، ومن عدم التخطيط الواعي الجيد لمواجهة هذه الأحداث، فهذا الذي نخشى وهذا الذي نخاف.

أما أن نقول: {إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض}، فهذه لا تقال الآن؛ لأن صحوة الأمة كلها في كل مكان، لو عذبت طائفة فطوائف كثيرة تقوم بالواجب؛ فاصبر يا أخي في مجتمعك وادع الله.

وأنا أقول لكثير من الإخوان: لأن تكون في هذا المجتمع داعيةً، صابراً، مجاهداً، ولو مسجوناً، خير لك من أن تهاجر إلى بلد تبحث عن عمل، أو تأوي إليه، فتهان وتضطهد ولا تعرف قيمتك، لأن قيمة كل إنسان في بلده، مهما كان، ونحن أمةٌ واحدةٌ وبلد واحد بلا شك، ولكن قيمتك في بلدك وبين عشيرتك، ولو كنت مسجوناً فستظل عندهم قضية هذا الدين قضية حية، لكن إذا غبت وابتعدت، وغيرك ابتعد، تركنا الأمة فريسة للإعلام المفسد الضال المضل، فتعود بعد سنين إلى بلدك، وتجدهم قد ابتعدوا كثيراً، وانقطعوا عن طريق الله المستقيم.