للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب هجوم العالم الغربي على أهل السنة والجماعة]

السؤال

العالم يشهد هجمة شرسة على أهل السنة، ويوصفون بأوصاف فيها شيء من التنفير، إذا ما ارتبطت ببعض الهيئات التي تصدر من بعض الأفراد أو الجماعات، وتجسد هذه الأخطاء، ومن ثم يوصف الجميع بهذا الوصف رغبهً في التنفير منهم، فمن هذه المسميات التي يوصف بها أهل السنة الأصولية.

فما أسباب هذه الهجمة؟ وما سر اختيارهم لهذا التوقيت في هذه الفترة من تاريخ المسلمين؟

الجواب

هذه من الابتلاءات، وهي من السنن الربانية، والله تبارك وتعالى يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:٣١]، وما من نبي بعثه الله إلا أوذي، وقد قال ذلك ورقة بن نوفل -رضي الله عنه- لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند أول نزول الوحي -كما تعلمون-: {ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي} هذه سنة جعلها الله للرسل ولأتباع الرسل أن يبتلوا وأن يؤذوا، ومن الأذى: أن ينبزوا بمثل هذه الألقاب في القديم والحديث، ولو قرأنا التاريخ لوجدنا العجب! كيف كان ينبز أهل السنة والجماعة، ويقال لهم: الثابتة، المجسمة، الحشوية إلخ.

كانت كثير من التهم توجه إليهم، بل لا نقول: إن التهم من أهل البدع فقط، بل وقع في ذلك بعض المؤرخين ممن هم من أهل السنة عن حسن نية، وعن متابعة غير مقصودة، وهذه سنة ربانية، وقد لقبت قريش النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأتباعه بالصباة وهكذا.

والآن -في هذا الزمن- اشتدت الهجمة والحملة لأسباب: ١.

أن ذلك امتداد لهذه السنة، وهذا لا غرابة فيه.

٢.

أن العالم الغربي الآن يعيش نوعاً من الرعب -إن صح التعبير- أو من التخوف من هذا العملاق لو أنه استيقظ.

العالم الغربي -ولا سيما بعد الأحداث الأخيرة في أوروبا الشرقية - بدأ يدرك أن المواجهة ستكون مع عدو آخر.

وكما عبر بعضهم بأن الصراع هو صراع بين حضارتين: الحضارة الإسلامية وبين الحضارة المسيحية، ولذلك هم يتخوفون جداً من هذه الأمة التي تمتلك من وسائل القوة البشرية والمادية والمعنوية ما لا تملكة أية أمة أخرى.

ولو نظرنا -مثلاً- إلى الصين -كمثال- كتكتل بشري ضخم يوازي في عدده تقريباً عدد المسلمين، ودين مستقل مخالف للدين الغربي، وأيضاً تمتلك قوة نووية.

لو نظرنا إلى نظرة الغرب إلى الصين ونظرتهم إلى العالم الإسلامي، نجد الفرق كبير جداً يتعامل الغرب مع الصين كأي دولة، ورغم حساسية الغرب منهم لكنها لا ترقى إلى معشار النظرة إلى الأمة الإسلامية، التي لو ظهرت فيها حركه صغيرة طلابية في إحدى جامعاتها في إحدى عواصم دولها أو دويلاتها، لأثارت الصحافة الغربية، وتحدثوا عنها على أنها بعبع وعملاق، وخطر يهدد المصالح الغربية في المنطقة، هذا الرعب هو سببه -والله تعالى أعلم- أن لديهم إحساساً وشعوراً بأن حقيقة الصراع هي مع هؤلاء، وهذا الإحساس ليس مأخوذاً من مجرد النظر والتخطيط، وهم أهل تخطيط بعيد، لا، بل نؤكد ونقول: حقيقة يجب أن يعلمها المسلمون، وهي أن هذا مأخوذ من كتبهم الدينية.

ولهذا فإنهم بعد الأحداث الأخيرة تكلموا ونشروا في إحدى المجلات المشهورة جداً في أمريكا، التي يقرؤها الملايين أن المعركة من أجنادين إلى هرمجدون، وأجنادين هي المعركة التي خاضها عمرو بن العاص رضي الله عنه مع الروم، وبعدها دخلوا فلسطين، وهرمجدون هي المعركة التي تكون في فلسطين في آخر الزمان، حيث يأتي المسيح، ويقتل الوثنيين وهم -بحسب زعمهم- المسلمون، وأنه يقدر عدد الجميع بمائتي مليون كما ذكر في بعض شروحهم، وأنهم يبادون ويموتون، ويرفع المسيح النصارى فوق السحاب وينجون، والمقصود أن إحساسهم بالعداوة للأمة الإسلامية هي حقيقة تؤكدها أديانهم وآراؤهم الاعتقادية، كما تؤكدها دراساتهم وتخطيطاتهم المستقبلية، وهي بالنسبة لنا أمر طبيعي جداً، لأن الله تعالى أخبرنا بها، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطلعنا عليها.